ملفا “S400” وأوكرانيا.. هل ينهيان شهر العسل التركي الروسي؟
عربي 21
طفت على السطح مؤشرات توتر بين الحليفين التركي والروسي، تمثلت باستخدام أنقرة أوراق ضغط على موسكو، رغم ما شهدته العلاقة بين البلدين خلال الفترة الماضية من تقدم ملحوظ، لا سيما في الملفات الحساسة بينها الملف السوري، ما يثير تساؤلات حول حقيقة وجود هذا التوتر.
وعلى الرغم من التقارب الروسي التركي الأخير، إلا أن أنقرة فاجأت موسكو باستخدامها ورقة الصفقة العسكرية المتمثلة بالمنظومة الدفاعية “أس 400″، ملمحة إلى أنها ستتراجع عن الصفقة الأمر الذي اضطر روسيا للتعليق مباشرة على الأمر.
وفي مناسبة أخرى، جددت تركيا عدم اعترافها بالضم الذي اعتبرته “غير شرعي” من روسيا لشبه جزيرة القرم التابعة لأوكرانيا، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة للواقعة.
ويأتي هذا الأمر، في حين تواجه فيه تركيا أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد وقفها إصدار التأشيرات للأتراك، بعد اعتقال مواطنين أمريكيين وأتراك يحملون الجنسية الأمريكية، واختلاف وجهات النظر بملفات بارزة ومهمة في المنطقة.
ووقوفا على أسباب هذا الأمر، قال الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية الدكتور علي باكير، إن “الجميع في حالة من التخبط في المنطقة مع الدول الكبرى، نتيجة تقاطع المصالح المؤقتة أو تضاربها”.
وقال لـ”عربي21“: “لا شك في أن هناك حالة من الاضطراب في توجهات السياسة الخارجية التركية، وهو أمر مذموم، ويتطلب إعادة رسم للسياسات على أسس أكثر ديمومة، بعيدا عن رد الفعل الفجائي”.
ولكنه شدد على أن هذا الأمر ليس حكرا على الجانب التركي فقط، فكما هو ملاحظ، فإنه موجود في المنطقة ككل.
صفقة “أس-400”
وأوضح بخصوص التصريحات التركية حول منظومة “أس-400” الدفاعية، أن “الاتفاق لم يصل باعتقادي إلى صيغته النهائية بعد، على الرغم من إعلان الطرفين عن ذلك، وقيام أنقرة بتحويل الدفعة المالية الأولى إلى موسكو”.
وأشار إلى أن الجانب التركي يصر على موضوع نقل التكنولوجيا، وهناك على ما يبدو خلاف حول هذه النقطة، لأن الجانب الروسي لم يسبق له أن أنتج النظام خارج أراضيه، وعلى ما يبدو ستكون هذه المرة الأولى في حال تم الاتفاق على ذلك، لكن هذا الأمر يحتاج إلى أرضية لازمة غير جاهزة على ما يبدو.
وقرأ أن التصريحات التركية المتعلقة بهذا الموضوع هي “لغايات سياسية”، خصوصا وأن التقنيين الروس والأتراك يؤكدون أنه لا مشكلة بين الطرفين حتى هذه اللحظة.
من جهته، لم يقرأ الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج في التصعيد التركي أي ملامح أزمة في العلاقات بين تركيا وروسيا، مؤكدا أنه لا يرى توترا بمعنى التوتر، “بل على العكس، فإن أنقرة بأمسّ الحاجة حاليا إلى تطوير وترسيخ العلاقات مع موسكو”.
وأوضح لـ”عربي21“، أن سبب ذلك يعود جزء منه إلى حقيقة التوتر في العلاقات بين تركيا من جهة والولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى، وبالأخص الأزمة مع أمريكا وتطوراتها مؤخرا.
والجزء الآخر بحسب الحاج “متعلق بالحاجة للتنسيق والتعاون في المشهد السوري، وضمان اتفاقات خفض التصعيد، بالإضافة إلى عملية إدلب القريبة، فهناك تنسيق ميداني واضح بين تركيا وروسيا”.
وأوضح أن هناك حرصا تركيا على صفقة “أس 400” التي تعد صفقة الاستراتيجية بالنسبة لأنقرة.
أوكرانيا والقرم
وقال الحاج إن التقارب بين روسيا وتركيا لا يمنع الاختلافات في وجهات النظر في بعض الأمور، وهو الأمر الذي بدا واضحا خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأوكرانيا، وتأكيد موقف تركيا الذي لا يعترف بضم القرم إلى روسيا، ويؤيد وحدة الأراضي الأوكرانية.
وأضاف أن “الدليل على أن التصريحات التركية لا ينبني عليها أزمة مع روسيا بما يخص القرم، أن كلام أردوغان لم يكن موجها لروسيا بل ذكرت بشكل عابر، بالإضافة إلى أن الرد لم يأت من مستويات روسية كبيرة، بل كان الرد من أحد أعضاء مجلس الدوما (مجلس النواب)”.
وأكد أن “التصريحات التركية حول جزيرة القرم وأوكرانيا أمر بسيط جدا، وليس بموقف جديد لتركيا، فمنذ ضم روسيا القرم إليها، وتركيا رافضة لهذا الأمر، لا سيما أن لها علاقات مع أتراك القرم هناك، بالتالي لن يكون هذا الملف سببا بتوتر كبير وبصنع أزمة في العلاقات التركية الروسية”.
أما باكير فأكد كذلك أن “الموقف التركي موقف مبدئي سابق وحالي بما بتصل بالقرم ووحدة الأراضي الأوكرانية، ولا أعتقد أنه سيتغير، ولا شك في أن الزيارة إلى أوكرانيا كانت فرصة لإثارة الأمر من جديد، كرسالة إلى الأوكرانيين أكثر من كونها موجهة إلى روسيا”.