سعيد الحاج

طبيب وكاتب فلسطيني

باحث سياسي مختص في الشأن التركي

مايك بومبيو.. خطر يتهدّد العلاقة الأمريكية – التركية

0

 

 

مايك بومبيو.. خطر يتهدّد العلاقة الأمريكية – التركية

تقرير – موقع الخليج أون لاين

 

وصل “الصقر” مايك بومبيو إلى قيادة دفة الدبلوماسية الأمريكية، لكن هذا الرجل ليس مجرّد دبلوماسي أو سياسي، بل صاحب أيديولوجيا “متطرّفة” ستضع بصماتها على السياسة الخارجية لبلاده.

ويُعتبر بومبيو من صقور التيار المناوئ لموسكو، وقد حذّر في السابق من أن بوتين “زعيم خطر”، فضلاً عن كونه معارضاً شرساً للاتفاق النووي مع إيران؛ الذي أبرمته إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، كما يجاهر بالعداوة لتركيا، وهو ما يهدّد مستقبل علاقات بلاده مع الدول الثلاث، وخاصة أنقرة.

وقد اتُّهم وزير الخارجية المعيّن بالإسلاموفوبيا (معاداة المسلمين)؛ بعد تصريحاته عقب هجمات ماراثون بوسطن عام 2013، وكان قد صرّح بأن بعض رجال الدين الإسلامي شجّعوا على الهجمات الإرهابية.

– خبر سيّئ

ينتظر بومبيو واحد من الملفّات الأكثر حساسية؛ وهو العلاقة مع تركيا ثاني أكبر قوة في “الناتو”، التي تمرّ بتوترات منذ ما لا يقلّ عن ثلاث سنوات؛ نتيجة دعم واشنطن لمجموعات كردية انفصالية تصفها أنقرة بـ “الإرهابية”.

وسبق أن هاجم السياسي الأمريكي أنقرة والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في العام 2016، واصفاً إياه بـ “الديكتاتوري والفاشي الإسلامي الشمولي”، وذلك في الـ 15 من يوليو 2016، أي بالتزامن مع محاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرّضت لها حكومة الحزب الذي أسّسه أردوغان.

Capture

واللافت أن بومبيو اختار تركيا كأوّل محطة له لزيارتها عقب تعيينه رئيساً للمخابرات في العام 2017، حيث أجرى لقاء مع أردوغان كان مغلقاً، ولم يتم الإدلاء بمعلومات عن فحوى ما دار من حديث بينهما، ثم مع نظيره التركي حينها، هاكان فيدان، واستمرّ لقاؤهما قرابة 3 ساعات ونصف الساعة.

وعقب هذه الزيارة شهدت العلاقات بين البلدين تدهوراً غير مسبوق، وعلت النبرة التركية المهاجمة لواشنطن، التي كثّفت من دعمها للمليشيات الكردية التي تقاتل تنظيم “داعش”، بالإضافة إلى رفض واشنطن تسليم فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب على حكومة العدالة والتنمية، ويقول المسؤولون الأمريكيون إن تركيا لم تقدّم بعد أدلة مقنعة على تورّطه.

لكن وزير الخارجية المقال، ريكس تيلرسون، ضبط إيقاع الخلاف في الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى أنقرة، في فبراير الماضي، وتم الاتفاق على تأسيس لجنة لتجاوز الخلافات بين الجانبين، إلا أن تعيين “الصقر بومبيو” سيكون له تأثير كبير على سير هذه العلاقة.

الدكتور سعيد الحاج، الكاتب في الشؤون التركية، اعتبر إقالة تيلرسون “خبراً ليس جيداً لتركيا”، موضّحاً في حديث لـ “الخليج أونلاين” أن إدارة ترامب رغم استبشار أنقرة بها في البدايات، وصلت العلاقات بينهما في ظلها إلى حدّ القطيعة.

وأضاف الحاج: إن “زيارة تيلرسون الأخيرة إلى تركيا، في فبراير الماضي، هي التي نزعت فتيل الأزمة بين البلدين، وتوصّلا إلى آلية مشتركة للحوار، وكان من المفترض أن يكون هناك اجتماع في الـ 19 من هذا الشهر؛ بين تيلرسون ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو، والذي قد يتأجّل بسبب إقالته”.

وبيّن أن إقالة تيلرسون، الذي كان يمثّل توازناً نسبياً في العلاقة مع تركيا، “أحزن تركيا”، ومن ثم فإن مجمل الاتفاقات التي حصلت مؤخّراً بين تيلرسون وجاويش أوغلو في مهبّ الريح، مرجعاً ذلك إلى أن “أنقرة غير مطمئنّة إلى الوزير الجديد، مايك بومبيو، الذي هو من الصقور ولديه موقف مسبق منها، ومن ثم فهناك قلق من مسار العلاقة مستقبلاً، رغم التصريحات التركية التي تقول إن العلاقة مع واشنطن مؤسّساتية ولا تعتمد على الأشخاص”.

– ملفّات مقلقة

ولا يخفى على أحد أن بومبيو لا يكنّ احتراماً للحكومة التركية الحالية، ويراها “فاشيّة إسلامية”، فضلاً عن أن التقارب الجاري بين أنقرة وموسكو وطهران في سوريا قد يدفع لمزيد من التصعيد، خاصة أن عملية “غصن الزيتون” التي تقودها تركيا لمجابهة مليشيات كردية مدعومة أمريكياً تنظر إليها واشنطن بعين “الريبة”، وسبق أن حذّرت من المساس بالقوات الموجودة في منبج شمال سوريا.

وغضبت واشنطن من العديد من الخطوات التي قامت بها تركيا واعتبرتها استفزازية؛ كشراء نظام صواريخ أرض- جوّ الروسية، في سبتمبر الماضي، وهو إجراء رأت المخابرات الأمريكية، في نوفمبر الماضي، أنه سيقلّل من التزام أنقرة بحلف الناتو وسيقرّبها أكثر من موسكو.

كما انزعج بومبيو شخصياً -بحسب “نيويورك تايمز”- من كشف وكالة الأناضول التركية الرسمية، الصيف الماضي، موقع 10 قواعد عسكرية أمريكية في سوريا.

ويقول محللون إن تركيا سرّبت المواقع بسبب الغضب من سياسة الولايات المتحدة تجاه دعم المليشيات الكردية، والتلكّؤ الأمريكي من “تسليم غولن”، وهي الخطوة التي مهّدت لأزمة إيقاف التأشيرات بين البلدين، والتي استمرّت من أكتوبر حتى ديسمبر الماضي.

وفي هذا السياق استبعد سعيد الحاج أي تقدّم على صعيد ملفّ “غولن” في عهد بومبيو، متوقّعاً وجود قرار على أعلى المستويات الأمريكية بعدم التعاون مع أنقرة في هذه القضية، حتى إن البيانات الرسمية التركية مؤخّراً لم تعد تتحدّث كثيراً حول هذه النقطة.

واعتبر أن تحسّن العلاقات بين البلدين مرهون بالمسار الذي سينتهجه بومبيو؛ كالتزامه بالاتفاقات التي أبرمها سلفه تيلرسون، وطمأنة أنقرة فيما يتعلّق بملفّ الفصائل الكردية المسلّحة في سوريا، ووضع “منبج”، لافتاً إلى أنه إذا انتهج سياسة بعيدة عن ذلك فهذا له أبعاد مضرّة بالعلاقة.

لكن الحاج أشار إلى أن ملفاً قد يشكّل خطورة على تركيا؛ هو الموقف الأمريكي من إيران، خاصة أن الوزير الجديد يجاهر بالعداء لها، موضحاً أنه “إذا أقدمت واشنطن على تغيير واسع تجاه إيران (في إشارة إلى إلغاء الاتفاق النووي معها) فهذا سيؤثّر على تركيا؛ لكونها جارة لها، وهناك إطار ثلاثي يجمعهما في سوريا، وتعاون في العراق، وحتى الخلاف الخليجي – الإيراني تحاول أنقرة الوقوف على الحياد منه، وهذه النقطة ربما تؤرّق صانع القرار التركي”.

وتوقّع الحاج أن يؤدّي الخلاف على ملفّ المليشيات الكردية الانفصالية في سوريا إلى مواجهة دبلوماسية سياسية بين واشنطن وأنقرة، ما سينعكس إيجاباً على العلاقة بين موسكو وأنقرة وطهران، ما يقضي بمواجهة المحور الأمريكي، خصوصاً في سوريا.

وليس من الواضح ما إذا كانت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة ستتحسّن أم ستتجه نحو الأسوأ في ظل وجود بومبيو، ولكن بناء على ما ذُكر لا يوجد مجال كبير للتفاؤل.

شارك الموضوع :

اترك رداً