سعيد الحاج

طبيب وكاتب فلسطيني

باحث سياسي مختص في الشأن التركي

معركة جبل الكاشف

0

من سنن الله تعالى في هذا الكون أن القوي يُرهب ويُحترم حتى ولو لم يكن على الحق…

وفي هذا يقول الفاروق رضي الله تعالى عنه: “إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”…

مثلاً الشعبية الكبيرة التي حازها حزب الله في لبنان كانت في جزء منها نتيجة لنجاحه الإعلامي.. وتجنبه الصراع الداخلي..والمصداقية التي حازها.. و”الكاريزما” والذكاء الذين يتمتع بهما أمينه العام حسن نصرالله …

ولكن العامل الأبرز في شعبية حزب الله -برأيي المتواضع- هو انتصاره ودحره للكيان الصهيوني من جنوب لبنان عام 2000 ثم صده العدوان في تموز 2006….

ولو أن حزب الله -لا سمح الله- كان قد هزم في ذلك العدوان لرأيت كيف كان سيلام ويتهم بعدم الحنكة العسكرية وكيف أنه جر المنطقة لحرب لا قبل لها بها… فكما يقول المثل العامي: “عندما تسقط البقرة تكثر السكاكين” ..

وكلنا يذكر كيف كانت الدول العربية تلوم حزب الله في بداية العدوان لأنه دخل في “مغامرة غير محسوبة” دون أن يطلبوا رفع العدوان …أما عندما اتضح أنه لن يكسر في هذا العدوان فرأينا كيف تحركت الدبلوماسية لوقف إطلاق النار والتوسط لذلك..

ولأن الشيء بالشيء يذكر…

فعندما بدأ العدوان الصهيوني على غزة سمعنا من يلوم حماس على صواريخها التي كانت السبب في العدوان دون أن يكلفوا أنفسهم بلوم الكيان الصهيوني…

ولكن عندما اندحر الصهاينة عن القطاع بعد هزيمتهم في “جبل الكاشف”… ومن بعدها العمليات العسكرية الكثيرة التي كان آخرها عملية القدس..وتتابع الصواريخ على المغتصبات الصهيونية… رأينا كيف تحركت الدبلوماسية مجدداً لإحداث التهدئة….

ولأنه عالم لا يحترم إلا الأقوياء فقد تجلت هذه النتائج بما يلي:

1. التحرك الدبلوماسي لوقف إطلاق النار…وهذا دائماً يحدث عندما تفشل الترسانة العسكرية الإسرائيلية في فرض الحلول بالقوة..

2. رفع اللهجة العربية في اجتماع وزراء الخارجية العرب والذين هددوا بسحب المبادرة العربية..

3. الموقف الليبي الشجاع في مجلس الأمن… وأنا هنا لا أتحدث فقط عن وقف القرار الذي كان سيدين عملية القدس .. بل أتحدث أيضاً عن كلام السفير الليبي الرائع في مؤتمره الصحافي في أروقة مجلس الأمن والذي أدان فيه ” الكيان الصهيوني العنصري الإرهابي” على حد تعبيره..

4. إيعاز الولايات المتحة لمصر أن تجتمع مع حماس والجهاد لتثبيت تهدئة مع الكيان الصهيوني…
مما يعني ان الولايات المتحدة تعترف ضمنياً أن حماس والجهاد -الفصائل الجهادية الأكثر عملاً وتأثيراً- لا يمكن تخطيها ويجب إشراكها في أي حل أو تهدئة…وهذا يشكل اعترافاً ضمنياً بهما وبقيمتهما..وإن كانت الحركتان زاهدتين في الإعتراف الأمريكي..

5. يدور حالياً حديث في الكيان الصهيوني أن الولايات المتحة أشارت على الكيان الصهيوني بالتحاور والحديث مع حماس لأنها لا يمكن تخطيها ولا كسرها حالياً.. على طريقة المثل العربي: “اليد التي لا تستطيع كسرها.. قبلها..وادع عليها بالكسر” …

هذه بعض النتائج المترتبة على صمود حماس وقوى المقاومة في تغيير موازين القوى وقواعد اللعبة في المنطقة…وما خفي كان أعظم…

وإن غداً لناظره قريب…!!!

إنه عالم لا يحترم ولا يهاب إلا القوي حتى ولو لم يكن على الحق… فما بالكم إذا كان القوي على الحق..؟؟؟!!!

شارك الموضوع :

اترك رداً