مؤتمر العدالة والتنمية القادم: إشارات للمتابعة
يستقي المؤتمر أهميته من عدة عوامل في مقدمتها توسطه بين استحقاقين انتخابيين، فهو المؤتمر الأول للحزب بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أيار/ مايو الفائت، ويأتي قبل أشهر قليلة من الانتخابات المحلية في آذار/ مارس المقبل. ويضاف لذلك معنى مكمِّل وهو أن هذه هي الفترة الرئاسية الأخيرة لأردوغان، ما يفتح الباب على أسئلة كثيرة بخصوص مستقبل الحزب بعده.
يتخلل المؤتمر العام عقد جمعية عمومية لانتخاب رئيس الحزب وهيئاته القيادية، وهي التي يدخلها أردوغان مرشحاً وحيداً لإعادة انتخابه رئيساً كما هو متوقع. كما أنه من الممكن توقع المحاور الرئيسة التي سيتضمنها خطابه في المؤتمر، حيث سيكون الهجوم الإرهابي الأخير في أنقرة متضمناً فيه مع التأكيد على سير تركيا بحزم في مسار مكافحة الإرهاب.
أحد أهم الملفات على جدول أعمال المؤتمر هو عملية مراجعة نتائج الانتخابات الأخيرة والتي تراجع فيها الحزب بشكل ملحوظ رغم تقدمه على باقي الأحزاب وفوز تحالفه بأغلبية البرلمان، وهو تقييم ستتبعه محاسبة من نوع ما وستترتب عليها تغييرات في الهيئات القيادية للحزب.
وإذا كان التغيير أحد ميزات مؤتمرات العدالة والتنمية الملازمة له دائماً، فإنه في المؤتمر القادم ألزم، ولذلك ستتجه الأنظار بشكل أساسي لنسبة التغيير والتجديد في المؤسسة التنفيذية وهي اللجنة التنفيذية للحزب أي مساعدو الرئيس وفي المؤسسة الشورية وهي لجنة إدارة القرار المركزية. كما سيكون ثمة اهتمام خاص، كما العادة، بنسبة كل من الشباب والنساء في المؤسسات القيادية للحزب.
بيد أنه ثمة ما هو أهم للمتابعة في المؤتمر القادم للعدالة والتنمية؛ الأول هو موقع ودور عدد كبير من الشخصيات القيادية في الحزب والحكومة ولا سيما الوزراء السابقين، وفي مقدمتهم وزير الداخلية السابق سليمان صويلو، وستكون تلك إشارة مهمة على وزن كل من التيارات المتنافسة داخل الحزب.
في المقابل، سيكون من اللافت للانتباه أن يكون لصهر الرئيس سلجوق بيرقدار مركز ما داخل الحزب بعد أن ذاع اسمه وصيته مؤخراً إثر نجاحاته في مجال الصناعات الدفاعية، لدرجة أن البعض يرى أن أردوغان يريده خليفةً له في الحزب والدولة. وعليه، بالمثل، سيكون مدى حضوره في الهيئات القيادية في الحزب من عدمه مؤشراً على مدى مصداقية هذه الفرضية التي لا نرجحها.
في المحصلة، قد تكون القرارات التي ستخرج من مؤتمر العدالة والتنمية القادم متوقعة في معظمها، حتى إن نسبة التغيير والتجديد في المؤسسات القيادية قد لا تكون مفاجئة. الأهم، برأينا، هو دور الشخصيات الوازنة في الحزب والحكومة في التركيبة الجديدة ومدى نفوذها، بما سيقدم مؤشرات مهمة بخصوص التنافس/ الغلبة بين التيارات داخل الحزب من جهة ومسألة خلافة أردوغان من جهة ثانية؛ من حيث مدى حضورها في ذهن الأخير وكذلك على صعيد الشخصيات المرشحة لذلك.