تعقيبات أولية على نتائج الانتخابات التركية
عربي 21
قريباً من منتصف ليل البارحة، وبعد فرز حوالي %99 من أصوات الناخبين الأتراك، أعلن سعدي غوفان رئيس اللجنة العليا للانتخابات في تركيا فوز اردوغان بالأغلبية المطلقة من الأصوات، بما يعني فوزه بالانتخابات الرئاسية التركية في جولتها الأولى دون الحاجة لجولة إعادة.
من جهة أخرى، فاز تحالف الجمهور أو الشعب المكون من العدالة والتنمية والحركة القومية بحوالي %53 من أصوات الناخبين، ضامناً الفوز بالأغلبية البرلمانية، ودائماً وفق النتائج شبه النهائية وغير الرسمية، في انتظار الإعلان الرسمي من اللجنة العليا للانتخابات بعد البت في الطعون المقدمة لها.
ودون الدخول في التفاصيل كثيراً، وفي عجالة تناسب توقيت المقال، ثمة تعقيبات أولية سريعة واستنتاجات مهمة حول الانتخابات التركية ينبغي ذكرها، وأهمها:
أولاً، يحسب لتركيا وشعبها تنظيم انتخابات بهذا الحجم وهذه الأهمية بنجاح وسلاسة ودون أحداث كبيرة تذكر، وتصدر نتائجها شبه النهائية في نفس اليوم، ويعترف فيها الخاسر (إينجة) بفوز منافسه، ويفرح بعدها أنصار الفائز دون تجاوزات ويحزن أنصار الخاسر دون احتكاكات، ثم يصحو الجميع في اليوم الثاني لاستئناف الحياة بشكل طبيعي.
ثانياً، ثمة ظاهرة في تاريخ تركيا الحديث اسمها اردوغان، يفوز في المعركة الانتخابية الـ 13 على التوالي منذ 2002، رغم تراجع نسبة التصويت لحزبه، ورغم منافسة 5 مرشحين رئاسيين له، ويرفع من نسبة التصويت له عن الانتخابات السابقة. ولذلك فليس من قبيل المبالغات مقارنته بمؤسس الجمهورية مصطفى كمال والحديث عن “الجمهورية الثانية” بقيادته.
ثالثاً، ثمة تراجع واضح في نسبة التصويت للعدالة والتنمية تصل إلى 7 درجات كاملة عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة في 2015 (من 49.5 إلى 52.5)، أفقده الأغلبية البرلمانية التي حافظ عليها منذ 2002 (وإن كسبها بتحالفه). نتيجة ينبغي التوقف عند أسبابها ودراسة كيفية علاجها بشكل معمّق، وهو ما أشار له اردوغان في خطاب النصر من شرفة حزبه ليلة البارحة.
رابعاً، مفاجأة الانتخابات كانت حزب الحركة القومية الذي حافظ على نسبة تصويته تقريباً وزاد من عدد نوابه في البرلمان (من 40 لـ 50) رغم انشقاق الحزب الجيد عنه وحصوله – الجيد – على نسبة %10، وهو أمر لم تستطع توقعه أي شركة لاستطلاعات الرأي.
خامساً، بثبات الحركة القومية ودخول الحزب الجيد للبرلمان بـ 46 نائباً، يكون القوميون الأتراك قد ضاعفوا تقريباً قوتهم في البرلمان. فإذا ما أضيف لذلك أصوات القوميين الممنوحة أيضاً للعدالة والتنمية، نكون أمام “موجة قومية” تركية فرضت نفسها في الانتخابات.
سادساً، وفي مقابل الموجة القومية التركية، حافظ حزب الشعوب الديمقراطي على وجوده في البرلمان حيث تخطى العتبة الانتخابية بأريحية رغم تراجع شعبيته والمشاكل القانونية التي تواجه عدداً مهماً من قياداته. وهو تصويت قومي هوياتي في الأصل، يضاف للتصويت للأحزاب القومية التركية على حساب أحزاب الوسط أي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري.
سابعاً، ونتيجة لكل ما سبق وعوامل أخرى، فنحن إزاء خريطة جديدة ومختلفة للبرلمان، سيكون لها آثارها وانعكاساتها على الحياة السياسية التركية في الفترة المقبلة، وهو أمر سنعود له لاحقاً بالتحليل العميق.