تركيا بين مطرقة داعش وسندان الناتو

منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن إنشاء حلف دولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (المعر وف إعلامياً باسمه المختصر “داعش”)، توجهت الأنظار مباشرة إلى تركيا، وأثيرت الأسئلة حول الدور الذي يتوقع أن تلعبه في هذا التحالف.

ذلك أن تركيا دولة لا يمكن تجاهلها أو الاستغناء عن خدماتها في مهمة كتلك، لأسباب عديدة تتقدمها حقائق الجغرافيا السياسية وضرورات السياسة الخارجية، الأمر الذي يتجاوز بنا السؤال حول “الإمكانية”، إلى أسئلة السقف والكيفية والمعيقات التي تكتنف هذا الدور المرتقب لها في الحلف ومهمته الوشيكة.

 

دوافع واقعية وسياسية براغماتية

وليس السبب الوحيد وراء تأكيد مشاركة تركيا هو الإعلان الأمريكي الذي تجاوز التشاور ليصل لفرض الأمر الواقع، ولا الضغط الأمريكي والغربي المتزايد عليها، بل هناك ظروف ميدانية وأسباب داخلية وخارجية تجعل من الصعوبة بمكان تخيل تركيا خارج إطار الحلف الوليد.

ذلك ان تركيا أحد اكبر المتضررين من “داعش”، باحتجازه – منذ أشهر – 49 مواطناً تركياً من موظفي قنصليتها في الموصل وعائلاتهم، وبمحاربته لأكراد العراق واقترابه شيئاً فشيئاً من حدودها، وبتهديده المتكرر بدخول أراضيها، إضافة لما تراه تركياً دوراً لعبه التنظيم في إضعاف المعارضة السورية التي تشكل لها – كدولة إقليمية – الحاضنة السياسية.

كما لا يمكن تصور تركيا خارج حلف إقليمي يتشكل ليخوض حروباً ويفرض سياسات في المنطقة، إذ هي الدولة الوحيدة في حلف الناتو التي تملك حدوداً مع العراق وسوريا، وهي الدولة التي تحتضن قواعد عسكرية للحلف لا يمكنه الاستغناء عنها في الحرب، فضلاً عن أن عضويتها فيه لا تسمح لها بمرونة كبيرة، ولا حتى سياستها الخارجية البراغماتية تتيح لها المغامرة بخسارة فرص الحضور والتأثير. فهي تدرك بالتأكيد أن مهمة الحلف لن تنتهي بمحاربة “داعش” (أياً كانت النتائج) بل ستتطور لتفرض حلولاً معينة في كلا البلدين المجاورين لها، سوريا والعراق، وتركيا – بداهة – لا تريد أن تكون خارج اللعبة حين ترسم الحدود وتوضع الحلول.

 

مخاوف ومحاذير فاتورة الحرب

بيد أن تركيا تدرك أن طريق المشاركة سابقة مع الأحلاف العسكرية القادمة نحو المنطقة حين رفض مجلس شعبها في الأول من آذار/مارس 2003 طلب الحكومة بالسماح بالتدخل الأمريكي – الدولي ضد العراق انطلاقاً من أراضيها، لكنها – من ناحية أخرى –

Total
0
Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقال السابق

الانقلاب والإخوان والصفقات .. محاولة للفهم

المقالة التالية

الحرب الدولية ضد "داعش" الاختبار الأول للحكومة التركية الجديدة

المنشورات ذات الصلة