من المدافع إلى المقاتلات النفاثة.. ما تأثير الصناعات الدفاعية التركية على الانتخابات؟

من المدافع إلى المقاتلات النفاثة.. ما تأثير الصناعات الدفاعية التركية على الانتخابات؟

إبراهيم العلبي – الجزيرة نت – إسطنبول
من موقع المشاهدة إلى الإنتاج المتوالي لكافة الصناعات الدفاعية، هكذا لخّص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الكشف المتوالي عن العديد من الصناعات الدفاعية من الإنتاج المحلي، حتى وصل الاكتفاء الذاتي على صعيد تلك الصناعات إلى نحو 80%، بعد أن كان دون 20%.

فتوالت مؤخرًا إعلانات الحكومة التركية عن إنجازات نوعية على صعيد الصناعات الدفاعية المحلية، إذ كشفت عن تحقيق تطورات في بعض أحدث المعدات العسكرية محلية الصنع، كما أعلنت تسليم معدات حربية جديدة إلى الجيش التركي، في خطوات لفتت الأنظار إلى مدى تطور الصناعات الدفاعية في البلاد، ويأتي التوقيت هذه المرة متزامنا مع قرب الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 14 مايو/أيار المقبل.

وكان آخر هذه الإعلانات الثلاثاء الماضي، إذ كشف الرئيس رجب طيب أردوغان عن أن أول طائرة نفاثة محلية ومأهولة (حر جيت) أجرت أول رحلة تحليق ناجحة لها، وسبق ذلك الإعلان عن إضافة محرك وطني للمقاتلة الحربية الوطنية (غوك باي)، ونجاح تجارب تحليق للمسيّرة الأضخم “كيزيل إلما”، وتسليم الجيل الثاني من الدبابة التركية (ألتاي)، وتسليم السفينة الحربية المحلية “أناضولو” (TCG) للجيش التركي.

الكاتب والباحث في الشأن التركي سعيد الحاج يقول إن هناك غطاء رسميا ودعما غير محدود من جانب الحكومة التركية لشركات الصناعات الدفاعية المحلية التي أثبتت كفاءتها في هذا المجال، موضحا أن الصناعات الدفاعية التركية انطلقت أساسا كرد فعل على القيود الخارجية على تصدير الأسلحة إلى تركيا خاصة ما يتعلق بالمسيرات، ما دفعها إلى التوجه نحو التصنيع الذاتي.

تحرير القيود

ويرى الحاج، في تصريح للجزيرة نت أن تطور الصناعات الدفاعية المحلية حرر تركيا من القيود الخارجية ومنح القوات المسلحة التركية قدرات لم تكن تتمتع بها سابقًا، كما لوحظ ذلك في عملية درع الربيع في فبراير/شباط 2020 في إدلب السورية، فقد أعطى ذلك أيضا لتركيا أدوارًا خارجية متقدمة، كما حدث في الحرب الأذربيجانية الأرمينية الأخيرة، ومساندة حكومة الوفاق الليبية.

واعتبر الباحث أن القفزة التي تحققت في تصنيع المسيرات مكّنت تركيا من تطوير إستراتيجيتها في مكافحة الإرهاب سواء في سوريا أو العراق ضد حزب العمال الكردستاني.

صناعة السلاح والحملة الانتخابية

ويعتقد سعيد الحاج أن الكشف عن تطوير الأسلحة في تركيا يتعلق بشكل جزئي بالحملة الانتخابية للرئيس التركي أردوغان وحزبه، مضيفا “يريد أردوغان أن يقدم سردية أساسية لحملته الانتخابية وهو أنه قدم إنجازات كبيرة لتركيا ولا يزال قادرا على ذلك، وهي إنجازات لها علاقة برؤية تركيا القوية ومكانتها في العالم”.

وأشار إلى أن قائمة المشاريع المعلن عنها في الفترة نفسها لا تقتصر على الصناعات الدفاعية، فقد شملت مجالات شتى مثل الطاقة والبنية التحتية والصناعات الثقيلة، وهي مشاريع حرص أردوغان وحزب العدالة والتنمية بشكل واضح على تكثيف الإعلان عنها قبيل الانتخابات لتعظم من حظوظه فيها.

وعلى النقيض من حزب العدالة والتنمية الحاكم، تُوجه المعارضة التركية ولا سيما حزب الشعب الجمهوري انتقادات لنهج الحكومة في تطوير الصناعات الدفاعية، مثل الاعتماد على القطاع الخاص، ومحاباة بعض الشركات التي تتبع لشخصيات مقربة من الرئيس أردوغان، وإن كانت تشيد بازدهار هذه الصناعة على المستوى الوطني.

وهاجم زعيم حزب الشعب الجمهوري والمرشح المشترك للمعارضة كمال كليجدار أوغلو خصخصة قطاع الصناعات الدفاعية، قائلا إنها “تشكل مخاطرة”، داعيًا لإخضاع هذه الصناعة لسيطرة الدولة.

وفيما أقر كليجدار أوغلو بأنّ هذه الصناعة المحلية أحرزت تقدما كبيرا، متعهدًا بأنه سيواصل “دعم الاستثمار” في هذا القطاع، فإن زعيم حزب الديمقراطية والتقدم المعارض علي باباجان كان قد انتقد الدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة لشركة بايكار التي يديرها سلجوق بيرقدار صهر الرئيس أردوغان، رافضًا ما سماه عدم المساواة في دعم الشركات المتخصصة في صناعة الدفاع.

ويظهر استعراض الإنجازات في مجال الصناعات الدفاعية حجم التحول الهائل الذي أحدثه أردوغان في تركيا خلال عقدين من الزمن، لكنّ تأثيرها في الحملة الانتخابية للحزب الحاكم قد يكون محدودا أو أقل مما ينتظره أردوغان، بحسب محمود علوش الباحث والمستشار المتخصص في الشأن التركي.

ويضيف علوش للجزيرة نت أن الاهتمامات الأساسية للناخب التركي في هذه الفترة تتمحور حول الاقتصاد والتضحم بشكل أساسي، واستدرك قائلًا: “مع ذلك، يُمكن لاستعراض مثل هذه الإنجازات أن يستقطب فئات جديدة من الناخبين لا سيما القوميين ويُعزز تماسك القاعدة الانتخابية الصلبة لأردوغان لأنّها ترى تقدم الصناعات الدفاعية إحدى سمات إرث أردوغان”.

وفيما يلي عرض لأبرز وأحدث ما تم الإعلان عنه في تركيا من المعدات والأسلحة الحربية المصنعة محليا.

الطائرة النفاثة “حر جيت”

يبلغ طول الطائرة “حر جيت” (HÜRJET) 14 مترا وارتفاعها 4 أمتار والمسافة بين الجناحين 9.5 أمتار، وتصل سرعتها القصوى بمحرك واحد 1.4 ماخ (نحو 1500 كيلومتر في الساعة)، وتحلق على ارتفاع 45 ألف قدم.

الطائرة النفاثة التي تنتجها شركة “توساش”، مجهزة بنظام التحكم الآلي والرؤية الليلية، وهي قادرة على تنفيذ المناورات الجوية والهجوم والهجوم المضاد، وتنفيذ ضربات “جو – جو”، وضربات “جو – أرض”، وتتميز بالقدرة على التزود بالوقود في الجو.

وتضم الطائرة القادرة على تجاوز سرعة الصوت 7 محطات أسلحة، 3 منها تحت كل جناح، وواحدة تحت جسم الطائرة، وهي مزودة بمدفع عالي الدقة من عيار 20 مليمترا، ويمكن تزويده بصواريخ موجهة بالليزر محلية الصنع، كما يمكنها حمل صواريخ كوكدوغان وبوزدوغان التركية الموجهة.

الدبابة “ألتاي 2”

تُعتبر “ألتاي” (Altay) دبابة قتال رئيسية طوّرتها شركة (BMC)، وتتمتع “ألتاي 2” بأنظمة طورتها شركة “أسيلسان” توفر لها قدرات رمي وحماية وصمود عالية، فهي مزودة بدرع محلية الصنع توفر لها حماية فائقة ضد الألغام، كما تتمتع بنظام الاستشعار عن المخاطر النووية والكيماوية.

السرعة القصوى للدبابة 65 كيلومترا، وقوة المحرك القصوى 1500 حصان وتتمتع بإمكانية العبور من مياه بعمق 4 أمتار.

“ألتاي 2” مزودة بسلاح أساسي هو مدفعية عيار 120 مليمترا مع إمكانية إطلاق قذائف موجهة بالليزر، والتزود بـ40 قذيقة، كما تتمتع بنظام سلاح يتم التحكم فيه عن بُعد مع خاصية التتبع الآلي للأهداف بعيار 12.7 مليمترا.

المروحية “غوك باي”

تم تصميم المروحية “غوك باي” من قبل شركة توساش (TUSAŞ) التركية، بشكل يلبي الاحتياجات المدنية، ومن أبرز المهام التي تستطيع القيام بها، نقل الأشخاص والبحث والإنقاذ ومراقبة الحدود، والإسعاف الجوي ومكافحة الحرائق والعمليات الأمنية داخل البلاد وخارجها.

والمحرك المحلي الصنع (TS1400) الذي تم تزويد المروحية به وهو محرك دوران عمود توربيني، وتحلق “غوك باي” إلى ارتفاع 20 ألف قدم.

المروحية “أتاك-2”

تتمتع المروحية الهجومية الثقيلة بمحرك بقوة 2500 حصان، فيما يصل الحد الأقصى لوزن إقلاعها إلى 11.5 طنًا وتستطيع نقل حمولة بوزن 1.5 طن.

ويوجد في مقدمة المروحية مدفع من عيار 30 مليمترا وفوقه كاميرا تساعد القبطان على رصد الأهداف وتحديدها ومن ثم قصفها.

المروحية "أتاك-2" تتمتع بمحرك بقوة 2500 حصان (القوات المسلحة التركية)
المروحية “أتاك-2” تتمتع بمحرك بقوة 2500 حصان (القوات المسلحة التركية)

مسيّرة كزل إلما

هي مسيّرة تنتمي إلى الجيل السادس من المقاتلات الحربية طورتها شركة بايكار التي تنتج مسيرات بيرقدار وأكنجي، وتقترب سرعتها من سرعة الصوت، وستتمكن من الإقلاع بحمولة زنتها 1.5 طن من الذخيرة داخل جسمها وعلى جناحيها.

وتتميز الطائرة بالقدرة على التحليق بسرعة 900 كيلومتر/ساعة لمدة 5 ساعات متواصلة، وعلى ارتفاع يبلغ 12 كيلومترا، وقادرة على التخفي من الرادارات.

بارجة أناضولو TCG

هي سفينة حربية محلية الصنع دخلت ترسانة الجيش التركي مؤخرًا، ويبلغ طولها 231 مترا وعرضها 32 مترا، كما يصل الحد الأقصى لحمولتها إلى 27 ألف طن و436 كيلوغراما، وتبلغ سرعتها القصوى 20.5 عقدة، أما السرعة الاقتصادية فتبلغ 16 عقدة.

وتستطيع السفينة حمل 13 دبابة و27 مركبة برمائية مدرعة، و6 ناقلات جنود، و33 مركبة عسكرية و15 مقطورة، أي بمجموع 94 مركبة، وعلى مسطحها يمكن استيعاب 10 مروحيات و11 مسيرة هجومية، أما حظيرتها فيمكنها أن تحمل 19 مروحية أو 30 مسيّرة هجومية، إلى جانب استيعابها إلى طاقم قوامه 1223 فردا.

وجاءت مواعيد تسليم هذه المعدات أو الإعلان عن تحقيق تطورات نوعية في مسار تصنيعها وإنتاجها في فترة زمنية متقاربة خلال الأسابيع القليلة الماضية وعلى بُعد أسابيع قليلة من انتخابات 14 مايو/أيار التي توصف بالحاسمة.

 

Total
0
Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقال السابق

العوامل المؤثرة في نتائج الانتخابات التركية

المقالة التالية

ورقة: الانتخابات التركية: تحالفات الضرورة في مواجهة حاسمة

المنشورات ذات الصلة