د. سعيد الحاج: الميليشيات الكردية الخاسر الأكبر من الانسحاب الأمريكي من سوريا

 

د. سعيد الحاج: الميليشيات الكردية

الخاسر الأكبر من الانسحاب الأمريكي من سوريا

 

تقرير – صحيفة الشرق القطرية

د. سعيد الحاج المحلل السياسي المختص في الشأن التركي:               

انسحاب واشنطن يتناغم مع إستراتيجية تخفيف وجودها في المنطقة

اجتماع ثنائي مرتقب لأردوغان وترامب لبحث الاستفادة من الانسحاب

بسط سيطرة النظام السوري على شرق الفرات يخدم وحدة سوريا

خروج واشنطن من سوريا أعقب قرار الانسحاب من أفغانستان

المؤسسة الأمريكية رفضت الانسحاب والاستقالات دليل على ذلك

صفقة الباتريوت ليست بديلاً عن S400 وتنتظر موافقة الكونجرس

الولايات المتحدة مهتمة بما سيحصل بعد انسحاب قواتها     

 

قال الدكتور سعيد الحاج المحلل السياسي المختص في الشأن التركي: إن الحديث عن صفقة تركية – أمريكية نتج عنها الانسحاب الأمريكي من سوريا، له بعض الوجاهة، خاصة بعد الاتصال الهاتفي بين ترامب ونظيره التركي، وبعد أيام من موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة صواريخ باتريوت لأنقرة، إلا أنه لا يبدو دقيقاً بالمطلق.

تخفيف الوجود

وأوضح الحاج في مقال له بموقع عربي 21، أن قرار الانسحاب من سوريا أمريكي بامتياز، ومتناغم مع إستراتيجية الانسحاب، أو تخفيف الوجود الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط؛ بهدف التركيز على مواجهة الصين، وهي معلنة منذ عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، موكداً أن قرار الانسحاب يتوافق مع وعود الرئيس دونالد ترامب الانتخابية، وحديثه قبل أشهر عن ضرورة الانسحاب، لافتاً إلى أن قرار ترامب الانسحاب من أفغانستان يدعم ذلك.

ورأى أن مجيء القرار بعد أسابيع من قرار واشنطن بناء نقاط عسكرية على الحدود السورية – التركية، وهي فكرة رفضتها تركيا واعتبرتها موجهة ضدها، يحيل إلى ارتجالية ترامب وعدم خروج القرار بالتوافق مع “المؤسسة الأمريكية”، وهو ما يفسر المواقف الغاضبة والمتحفظة بما فيها الاستقالات والإقالات تجاه القرار.

الخاسر الأكبر

وشدد الحاج على أن الخاسر الأكبر من الانسحاب الأمريكي هو الميليشيات الكردية “قوات سوريا الديمقراطية وغيرها” التي رهنت وجودها وحاضرها ومستقبلها بالتحالف مع الولايات المتحدة، ولذلك تبدو في حالة من الهلع والصدمة من جهة، والبحث عن بدائل من جهة أخرى، مبيناً، أن ترك القوات الأمريكية قوات سوريا الديمقراطية لوحدها هو مصلحة حقيقية لتركيا، وفرصة ذهبية لها بالتأكيد، لكن ذلك لا يعني أنها مكاسب خالصة دون تحديات أو عقبات، خاصة في ظل وجود عشرات الآلاف من المسلحين المدربين أمريكياً من جهة، والعيون المتربصة بملء الفراغ الأمريكي من جهة أخرى، وهواجس التوريط والاستنزاف من جهة ثالثة، وعدم الاطمئنان لنوايا ترامب وثباته على موقفه، وكلها حاضرة في ذهن صانع القرار التركي.

التعقيب التركي

وكشف أن صفقة بيع صواريخ باتريوت لم تتم بعد، وكل ما حصل هو موافقة الخارجية الأمريكية في انتظار موافقة الكونجرس، مضيفاً، إن الصفقة قد تتم وقد لا تتم، فضلاً عن أنها ليست بديلاً عن صفقة “S400” كما يؤكد الأتراك.

ونوه الحاج، بأن تأخر التعقيب التركي على قرار الإدارة الأمريكية، ثم أتى على شكل تأجيل موعد عملية شرق الفرات يمكن إرجاعه لأمرين متكاملين، الأول: حالة الغموض وعدم اليقين، فالانسحاب قد لا يتم وقد يتم جزئياً وقد يؤجل ويتأخر كثيراً، فالضغوط على ترامب كبيرة والاعتراضات كثيرة والتطورات المفاجئة محتملة دائماً في المشهد السوري، فضلاً عن أن الانسحاب لا يعني بالضرورة التخلي أو الغياب التام، فثمة أدوات أخرى للتأثير، وهناك قواعد أمريكية أخرى في المنطقة، وخصوصاً في العراق.

وتابع، أما المسوغ الثاني للتريث التركي، فهو الرغبة في التنسيق مع الأمريكان، بحيث يكون انسحابهم أكثر فائدة وأقل ضرراً، موضحاً أن هذا المسار قد بدأ باتصال ثان بين ترامب وأردوغان، ثم بالإعلان عن اجتماع ثنائي مرتقب خلال أيام، إضافة لحرص تركيا على التنسيق مع الأطراف الأخرى، وخصوصاً روسيا.

الفراغ الأمريكي

وأكد أن الولايات المتحدة مهتمة بما سيحصل بعد انسحاب قواتها، وبالتالي تبحث عمن يحفظ ما يمكن حفظه من مصالحها، مشيراً إلى أن تركيا هي أقرب اللاعبين المتواجدين على الأراضي السورية لها (مقارنة مع روسيا وإيران)، باعتبارها عضواً في الناتو وشريكاً استراتيجياً لها، إضافة إلى ذلك إثبات أنقرة لنفسها في الملف السوري مؤخراً، وخصوصاً عبر العمليات العسكرية، ورغبة واشنطن في التنسيق معها لضبط ردة فعلها تجاه قوات سوريا الديمقراطية.

وتساءل الحاج، من سيملأ ذلك الفراغ الامريكي بعد انسحاب قواتها؟ مجيباً، هناك احتمالات إزاء واشنطن، منها التفاهمات الضمنية مع موسكو، وإبرام صفقة مع تركيا، واستقدام قوات عراقية، وتثبيت قوات سوريا الديمقراطية، إضافة لحضورها في الساحة السورية “جواً”، انطلاقاً من قواعدها الأخرى، وخصوصاً في العراق.

ورأى الحاج، أن اعلان أنقرة عن عملية عسكرية وشيكة لها شرق الفرات، جاء بعد أن صبَّت أغلب توقعاتها على عملية محدودة، وليست موسعة على غرار درع الفرات وغصن الزيتون، لافتاً إلى أن انتشار القوات التركية على امتداد مناطق شرق الفرات التي تقدر بحوالي ثلث الأراضي السورية، لن يكون مطمئناً لتركيا، معتبراً أن الأفضل هو ضبط بعض البلدات الحدودية، مثل تل أبيض وعين العرب، ضمن شريط حدودي آمن، بإخراج قوات سوريا الديمقراطية منها، مع توجيه ضربات محددة على أهداف عسكرية تابعة لها لتقويض سيطرتها ونفوذها.

أهداف تركيا

ولفت إلى أن نظرة تركيا لرغبة النظام في بسط سيطرته على مناطق شرق الفرات، تأتي في إطار خدمة فكرة وحدة الأراضي السورية وتقليل مخاطر التقسيم والفدرلة، وبالتالي يصب في صالح أهداف تركيا في مواجهة المشروع الانفصالي للميليشيات، مضيفاً، لكن ذلك لا يعني أن أنقرة سترحب بعودة النظام لكامل تلك الأراضي سريعاً، ودون أن يكون لها منها نصيب، ذلك أن أنقرة تدرك أن الحضور الميداني هو الورقة الأفضل على طاولة التفاوض بخصوص مستقبل سوريا، وتدرك أيضاً أن سيطرة النظام على شرق الفرات سيعني طرح تساؤلات ومطالبات حول وجودها في عفرين ومنطقة درع الفرات قريباً جداً، وهو ما لا تريده بالتأكيد.

إطار أستانا

واختتم الحاج، إن فكرة التنسيق والتقاسم مع روسيا، وبدرجة أقل إيران، تبدو أكثر حضوراً وقبولاً بالنسبة لأنقرة، وأقرب للحفاظ على إطار أستانا، على أن يؤجل كل ما هو متعلق بالميدان إلى ما بعد الحل السياسي المفترض والمرتقب في سوريا.

Total
0
Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقال السابق

انعكاسات الانسحاب الأمريكي من سوريا على تركيا

المقالة التالية

الأنظمة العربية في دمشق.. البحث عن دور جديد

المنشورات ذات الصلة