هل يصمد القطاع الصحي التركي أمام كورونا؟
إضاءات
يصح أن نسمي فيروس كورونا المستجد “فيروس المجاهيل” إذ أننا نعرف عنه القليل وما زالت تفاصيل كثيرة متعلقة به مجهولة وقيد البحث. ورغم ذلك هناك الكثير مما عرفناه بخصوصه، بحيث أنه تقريباً وحَّد خطط الدول المختلفة لمواجهته واحتوائه إلى حد كبير، لا سيما بعد أن تراجعت بريطانيا والولايات المتحدة عن فكرة “مناعة القطيع”.
وفي ظل استحالة القضاء على الوباء قبل التوصل للقاح وهو سيطول كثيراً أو دواء شاف منه وهو في علم الغيب حتى اللحظة، تدور الفكرة الأساسية لخطط مواجهته بإبقاء القطاعات الصحية قادرة على التعامل معه و”إدارة” الأزمة و”تدوير” الحالات من خلال العمل على تخفيف حدة انتشاره وسرعة تفشيه، ولكن دون الوصول لوقف عجلة الاقتصاد تماماً.
وعليه، تشكل الإجراءات الحكومية حائط الصد الأول أمام الجائحة في محاولة لتخفيف حدتها، ثم يبرز دور القطاع الصحي للتعامل مع أعداد الإصابات وخصوصاً التي تحتاج من بينها لعناية مركزة و/أو أجهزة تنفس صناعي ثم الوفيات بالتأكيد. فأين يقف القطاع الصحي التركي اليوم في مواجهة كورونا؟
قبل الوباء
على مدى سنوات حكمه قام حزب العدالة والتنمية بإصلاحات وتعديلات عديدة في القطاع الصحي صبت في مجملها في صالح المواطن/المريض وإن لاقى بعضها نقداً خصوصاً من العاملين في القطاع. في مقدمة تلك الخطوات رفع عدد الجامعات في مختلف المحافظات ومن بينها الجامعات ذات التخصصات الطبية، وكذلك مشروع “المدن الطبية” وهي مستشفيات ضخمة بمئات الأسرّة افتتح منها حتى الآن 10 وتبقى 8 في انتظار الافتتاح قريباً.
نتيجة لذلك، تملك تركيا اليوم “جيشاً طبياً” وفق تعبير وزير الصحة فخرالدين كوجا يتخطى المليون شخص، بينهم 165 ألفاً و363 طبيباً و204 آلاف و969 ممرضة وممرضاً وحوالي 360 ألف كادر صحي مساعد. يضع ذلك تركيا في مؤخرة الدول الأوروبية وفق مكتب الإحصاء الأوروبي EUROSTAT وقبل الأخيرة وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD عام 2017 بمتوسط 201 طبيباً لكل 100 ألف من السكان، ولا يبدو أن الأمر مختلف كثيراً اليوم.
فيما يتعلق بعدد الأسرّة في المستشفيات، تملك تركيا ما معدله 28 سريراً لكل 10 آلاف مريض وهو أدنى من معدل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (40) ومن معدل دول الاتحاد الأوروبي (50).
لكن ميزة تركيا تتبدى في أسرّة وحدات العناية المركزة، الأهم في مواجهة فيروس كورونا، حيث تملك منها 25 ألفاً و466 سريراً بمعدل 40 لكل 100 ألف مريض وهو أعلى من معدلات بعض الدول المتقدمة، بينما ذكر اردوغان أنها وصلت لـ 40 ألف سرير، فضلاً عن 100 ألف غرفة يمكن تحويلها مستقبلاً لغرف عناية مركزة أو عزل حسب كوجا.
مع كورونا
كانت الخطوة الأولى التي قامت بها الحكومة التركية إزاء فيروس كورونا، قبل حتى أن يصل إليها، هو إنشاء “هيئة علمية” تابعة لوزارة الصحة ومكونة من عشرات الأساتذة في مختلف التخصصات ذات العلاقة إضافة لمسؤولين من وزارة الصحة. مسؤولية الهيئة هي رسم استراتيجية البلاد في مواجهة الوباء، لمنع دخوله إليها أو تأخيره ثم العمل على احتوائه وتخفيف آثاره.
تم ذلك ويتم من خلال متابعة سير الوباء داخل تركيا وخارجها وتقديم التوصيات للحكومة، وللهيئة يعود الفضل في القسم الأكبر من القرارات الحكومية والتي اتسمت بالتدرج، والتي بدأت بوقف الرحلات الجوية وإغلاق الحدود البرية.
كما أن الإجراءات الحكومية الداخلية، والتي تضمنت إغلاق أماكن الترفيه من أندية ومقاهي ودور سينما وتأجيل المسابقات الرياضية وتجميد الدراسة بكافة مراحلها وتعليق صلوات الجمعة والجماعة في المساجد، لجأت إليها الحكومة بناء على توصيات اللجنة في وقت مبكر نسبياً حين كانت قد سجلت بضع إصابات فقط وقبل أي حالة وفاة.
فيما يتعلق بالقطاع الصحي، فقد أعلِنَتْ كلُّ المستشفيات الحكومية وكذلك الجامعية وبعض المستشفيات الخاصة “مستشفيات وباء” بمعنى تخصيصها للتعامل مع الحالة، من خلال تأهيل الطواقم الصحية فيها. ويشارك الأطباء من مختلف التخصصات في متابعة المرضى تشخيصاً وإدخالاً وعلاجاً ومتابعة، وفق بوروتوكولات تعدها الهيئة العلمية في الوزارة.
يمكن استكمال قراءة المقال من موقعه الأصلي على الرابط التالي:
https://www.ida2at.com/is-turkish-health-sector-withstand-coronavirus/