هل تحسم مناظرة “أوغلو-يلدريم” نتيجة انتخابات إسطنبول؟
في خطوة نادرة في الحياة السياسية في تركيا، اتفق حزبا العدالة والتنمية الحاكم، والشعب الجمهوري المعارض، على إجراء مناظرة انتخابية بين مرشحيهما لرئاسة بلدية أسطنبول.
وستجري المناظرة التي تحدث للمرة الأولى منذ صعود “العدالة والتنمية” إلى سدة الحكم في البلاد عام 2002، غدا الأحد، بين بن علي يلدريم مرشح الحزب الحاكم، وبين أكرم إمام أوغلو مرشح المعارضة، وستبثها معظم وسائل الإعلام التركية عند الساعة التاسعة مساء بتوقيت اسطنبول.
ويتنافس مرشحو أحزاب العدالة والتنمية، والشعب الجمهوري، والسعادة، والوطن، في الانتخابات المقررة 23 حزيران/ يونيو المقبل، فضلا عن 17 مرشحا مستقلا.
ويخوض الانتخابات عن حزب العدالة والتنمية، بن علي يلدريم، وعن الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو، وعن السعادة، نجدت غوكجنار، وعن الوطن، مصطفى إيلكر يوجل، لكن المنافسة ستكون على أشدها بين مرشحي “العدالة والتنمية”، و”الشعب الجمهوري”.
ويتوقع مراقبون أن تساهم المناظرة المرتقبة، في حسم جولة الإعادة لانتخابات بلدية إسطنبول، لصالح من ينجح من المرشحين في جذب أصوات شريحة كبيرة من “المترددين”، خاصة مع التقارب الكبير في نتائج الانتخابات التي خاضها المرشحان نفسهما عن بلدية اسطنبول، وأعلن فيها فوز إمام أوغلو بفارق ضئيل، قبل أن تلغى الانتخابات في اسطنبول بقرار قضائي.
وفي 6 أيار/مايو الحالي، قررت اللجنة العليا للانتخابات التركية، إلغاء انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، التي جرت نهاية آذار/مارس، وإعادة إجرائها في 23 يونيو/حزيران المقبل.
وجاء قرار اللجنة العليا للانتخابات استجابة للطعون المقدمة من حزب “العدالة والتنمية”.
الكاتب والمحلل السياسي التركي برهان كور قال إن هذه المناظرة مهمة جدا وحاسمة، خاصة مع تقارب نسب التصويت لكلا المرشحين في جولة الانتخابات السابقة التي جرى الغاؤها.
وقال كور لـ”عربي21” إن الغاء الانتخابات التي أجريت في آذار/ مارس الماضي، أعطت هذه المناظرة أهمية كبيرة، باعتبار أن الفارق بين الأصوات كان ضئيلا جدا، مشيرا إلى أن الناخب في اسطنبول يريد أن يسمع مباشرة من كلا الطرفين عبر هذه المناظرة، ليقرر فيما بعد لمن سيعطي صوته بعيدا عن التجاذبات السياسية.
وأضاف: “هذه المناظرة ستعطي فرصة لحسم قرار شريحة مهمة من الناخبين المترددين الذي لم يستقروا بعد على رأي”.
وفي سؤالنا عن الأوفر حظا من بين المرشحين قال: “من الصعب جدا الإجابة على هذا السؤال، فحزب الشعب الجمهوري يلعب على ورقة المظلومية في إلغاء الانتخابات السابقة التي فاز فيها مرشحه، فيما سيحاول العدالة والتنمية تسويق انجازاته والتركيز على حدوث تزوير في الانتخابات، وأعتقد أن مصير الانتخابات يكمن في مدى نجاح المرشحين في إقناع واستمالة شريحة صغيرة لا تتعدى نسبتها 4 في المئة من الناخبين وهي على الأرجح من ستحسم النتيجة”.
من جهته، قال الخبير في الشأن التركي سعيد الحاج، إن هذه المناظرة هي الأولى من نوعها في عهد حزب العدالة والتنمية الحاكم، رغم أن المناظرات كانت منتشرة ومشهورة في العمل السياسي خلال سنوات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.
ورأى الحاج في حديث لـ”عربي21″ أن نتائج الانتخابات البلدية التي جرت في نهاية آذار/ مارس الماضي (أعيدت في إسطنبول)، والتي أظهرت تقاربا كبيرا بين قطبي المنافسة، دفعت باتجاه إجراء هذه المناظرة التي تعطي فرصة للناخب في الاختيار والمفاضلة بين المرشحين، بناء على خططه وبرامجه وتطميناته في إسطنبول.
أما بالنسبة للمرشحين “يلدريم وإمام أوغلو”، قال الحاج إن المناظرة، تمثل تحدي كبير لهما فهي تجري قبل أسبوع واحد من الانتخابات، وهي فترة قياسية ومن الصعب على المرشح أن يرمم أي خطأ أو أي تراجع في النتيجة، اذا كان أدائه سيئا خلال هذه المناظرة.
ورأى أنه وفي ظل التقارب الشديد بين المرشحين فقد تؤدي أخطاء بسيطة “وجمل ذكية” من أحد المرشحين إلى حسم الانتخابات لصالح طرف دون آخر.
وأضاف:” هذه المناظرة مهمة جدا للذين امتنعوا على التصويت في المرة السابقة وهؤلاء هم قادرين على حسم النتيجة اذا ما قارنا نسبتهم بالفارق الضئيل في الانتخابات السابقة التي أعيدت”.
وأكد على أن هناك رهان من من حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري في أن تؤدي هذه المناظرة الى إقناع جزء من المترددين، باعتبار أن هذه المناظرة قد تضع خلاصة الدعاية الانتخابية أمام الناخبين بشكل واضح.
في المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا أن هذه المناظرة التي يترقبها الرأي العام بشغف لا يمكن أن تغير آراء الناخبين بشكل كبير، لأن دوافع كثير من الناخبين سياسية وأيديولوجية، حتى لو كانت الانتخابات محلية.
وقال ياشا في مقال نشرته “عربي21” إن حملة إمام أوغلو الانتخابية تلعب منذ إلغاء اللجنة العليا للانتخابات نتائج انتخابات رئاسة إسطنبول الكبرى، بورقة “المظلومية” لكسب تعاطف الناخبين وأصواتهم في جولة الإعادة.
فيما يحسب ليلدريم إسناده إدارة المناظرة إلى صحفي مخضرم محسوب على المعارضة، ما سيسحب ذريعة الانحياز التي قد يتهم فيها يلدريم.