ما خيارات تركيا بعد الكشف رسميا عن طريقة اغتيال خاشقجي؟
أثار كشف الجانب التركي رسميا عن الأسلوب المتبع لاغتيال الصحفي السعودي، جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول الكثير من التساؤلات بشأن خيارات أنقرة بعد هذا الإعلان.
واستطلعت “عربي21” آراء محللين بشأن الخيارات المتوقعة في ظل تصعيد من الجانب التركي الذي يرفض الرواية السعودية بشأن مقتل خاشقجي ومصير جثته.
الخيارات التركية
من جهته، سعى المختص بالشأن التركي سعيد الحاج، للإجابة عن هذه التساؤلات، بالقول إن “تركيا ستسير بعدة مسارات، المسار الأول عبر الضغط على السعودية أكثر لتسليم أدلة ومعلومات وحتى تسليم المتهمين لها والذي أصبح الآن مطلبا تركيا رسميا”.
وأضاف الحاج في حديث لـ عربي21” أن تركيا قد تلجأ لتدويل القضية أو ممارسة الضغط الإعلامي من خلال تسريبات أو أدلة أو الاكتفاء بالتصعيد السياسي مع الرياض.
وأوضح أن السلطات التركية قد تكشف عن تسريبات وأدلة خلال الايام القادمة سيما وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما تحدث عن الرواية التركية قال بأن لديهم معلومات ووثائق.
وقال: “يبقى احتمال التصعيد تركي من جهة إعلامية وسياسية وليس بالضرورة أن يتحول الأمر لأزمة ثنائية بين البلدين”.
وحول ما إذا كانت تركيا ستسعى لتدويل القضية جنائيا قال الحاج: “لا أتوقع ذلك، وعلى العكس مصلحة تركيا وتصريحاتها حتى الآن سارت في الحرص على التحقيق التركي وليس على تدويل القضية بالمعنى القانوني الجنائي”.
وأضاف: “تركيا حريصة على إعطاء الأدلة والمعلومات لعدة أطراف من بينها واشنطن، والتي لديها القدرة للضغط على السعودية، وأيضا هي تمتلك أدلة ووثائق ومعلومات قد تسرب بعضا منها للاعلام وهذه كلها عناصر ضاغطة على السعودية، نعم قد لا تصلح للاستخدام بشكل رسمي وقانوني بالقضية ولكن تسريبها أو جزء منها قد يؤدي لضغوط كبيرة على السعودية”.
وعن التصعيد سياسيا، توقع الحاج أن “يرتفع سقف ونبرة صوت المطالبة التركية بتسليم المتهمين الـ 18، وتسليم السعودية أدلة ومعلومات ووثائق مرتبطة بالجريمة باعتبار أن الجريمة تمت على اراض تركية، بالتالي قد تذهب أنقرة لزيادة الضغوط الأمريكية والأوروبية على الرياض لكن سياسيا وإعلاميا، وليس بالمجال القانون الجنائي من وجهة نظري”.
خيارات قانونية
وفي ظل الرفض السعودي بتسليم المتهمين يبقى السؤال ما هي الخيارات القانونية المتاحة أمام الجانب التركي؟
وقال الخبير بالقانون الدولي إسماعيل خلف الله إن “الحادثة من الناحية القانونية تمثل خرقا واضحا لاتفاقية فيينا للبعثات الدبلوماسية وانتهاكا للسيادة التركية”.
وتابع في حديث لـ”عربي21“: “وإذا كانت واقعة المشاجرة هي التي أدت لمقتل جمال خاشقجي كما جاء في الرواية السعودية، فمن المفروض أن يتم استدعاء الأمن التركي للتحقيق في الواقعة وإحالتها على القضاء التركي، وهذا ما لم يحدث، والحقيقة أن الرجل قُتل تحت التعذيب من طرف ضباط سعوديين وعلى مرأى ومسمع القنصل السعودي، والذي يمثل الدولة السعودية”.
وأوضح “بأن السعودية في هذه الحادثة انتهكت القانون الدولي، وبالأخص ما نصت عليه اتفاقية فيينا، مما يجعل القنصلية أمام حالة رفع كل الحصانات والامتيازات التي تتمتع بها البعثات الدبلوماسية، وعليه فإننا أمام جريمة دولية، والتحقيق فيها يعود إما إلى القضاء التركي كون الجريمة قد تمت على أرض تركية، أو يعود إلى اختصاص هيئة دولية مستقلة”.
وأشار إلى “أنه على الرغم من عدم وجود معاهدة ثنائية لتسليم المجرمين بين السعودية وتركيا، فإن هذا لا يمنع بالضرورة مطالبة تركيا بتسليمها الأفراد الذين اقترفوا جريمة تعذيب وقتل خاشقجي على الأراضي التركية”.
وختم حديثه بالقول: “في اعتقادي حتى لو أصرت السعودية على عدم تسليم هؤلاء المجرمين، فإن القضاء التركي سوف يقوم بمحاكمتهم ويصدر في حقهم أحكاما غيابية”.
الإعدام في السعودية
بالمقابل تساءل المحلل السياسي جيري ماهر “عن استفادة الجانب التركي من تسلُم المنفذين، خاصة أنه لا يوجد في تركيا قانون يبيح الاعدام، بالمقابل يتم في السعودية إيقاع أقصى عقوبة على القاتل وهي الإعدام، بالتالي لا أعتقد أن الحبس هو الخيار الجيد إذا تم تسليمهم لتركيا”.
وقال ماهر لـ”عربي21“: “بما أن العملية حدثت داخل القنصلية السعودية، إذن هي حدثت على أرض سعودية، واأعتقد أنه سيكون هناك محاكمة ومحاسبة سريعة لهم”.
وأضاف “بأن الجانب السعودي لن يسلم أي شخص إذا لم تكن القوانين والاتفاقيات بين البلدين تتيح ذلك، وسيتم محاسبة المتورطين في هذه القضية حساب شديد وعلني، لأنهم وضعوا السعودية أمام أزمة كبيرة لولا تدارك الأمر والتحرك بشكل سريع لكشف ملابسات هذه القضية وسحب الاعترافات من المتهمين”.
يشار إلى أن تركيا سبق لها أن طالبت السعودية بشكل رسمي بتسليم المشبته بهم بقضية مقتل خاشقجي.
من جهتها أوضحت السعودية بأنها لن تسلم المتهمين للجانب التركي، وفق تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير.