ما حجم الدعم العسكري التركي لحكومة ليبيا؟

وكيف سيؤثر على الميدان؟

بعد جولة من المفاوضات والزيارات المكوكية أجراها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً، فايز السراج، بتركيا وتوقيع مذكرتَي التفاهم معها بشأن التعاون الأمني والعسكري والبحري، تقترب أنقرة من اتخاذ خطوة على الأرض لمساندة طرابلس.

وظهرت إرهاصات تؤكد عزم تركيا على إرسال قوات عسكرية لمساندة حكومة الوفاق الليبية في معركتها المستمرة مع قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر منذ أبريل الماضي، وهو ما سيغير شكل المعركة وتأثيرها على الأرض.

وكانت آخر التأكيدات عن قرب وصول جنود أتراك إلى ليبيا، موافقة البرلمان التركي، السبت (21 ديسمبر 2019)، على مذكرة التفاهم الخاصة بالتعاون الأمني والعسكري بين تركيا وليبيا، وموافقة مجلس وزراء حكومة الوفاق الليبية، الخميس (19 ديسمبر 2019)، بالإجماع، على تفعيل مذكرة التفاهم الأمني الموقعة مع تركيا في أواخر نوفمبر الماضي، وطلب دعمٍ عسكري منها إلى جانب أمريكا وإيطاليا وبريطانيا.

وسبق الموافقة الليبية كشفُ صحيفة “خبر ترك” التركية، الأربعاء (18 ديسمبر 2019)، أن أنقرة ستنشئ قاعدة عسكرية في طرابلس، متوقعة أن يقدم رئيس حكومة الوفاق طلباً لإرسال قوات تركية إلى بلاده بحلول العشرين من فبراير المقبل.

وحصل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على موافقة لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي على مقترح قانون للتصديق على مذكرة التفاهم المبرمة بين تركيا وليبيا بشأن التعاون العسكري والأمني بينهما، وهو ما يعد حصوله على تغطية قانونية لإرسال القوات العسكرية، قبل أن يتم إقرارها من البرلمان بأكمله.

وصدَّق البرلمان التركي على مذكرة التفاهم المتعلقة بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، يوم 5 ديسمبر الجاري، مع إحالة اتفاق ثنائي يشمل تزويد ليبيا بقوة للرد السريع إذا طلبت طرابلس ذلك.

وفي 10 ديسمبر 2019، أعلن الرئيس التركي استعداده لإرسال قوات إلى ليبيا إذا طلبت ذلك الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس.

وقال في تصريح نقله التلفزيون الرسمي: “فيما يتعلق بإرسال جنود، فإنه إذا قدمت لنا ليبيا مثل هذا الطلب فيمكننا إرسال أفرادنا إلى هناك، خصوصاً بعد إبرام الاتفاق الأمني العسكري”، في إشارة إلى الاتفاق الموقع مع حكومة الوفاق، في 27 نوفمبر الماضي.

وعلى الأرض، حاول حفتر تحقيق أي تقدم تجاه العاصمة طرابلس، من خلال إعلانه ما أطلق عليه “ساعة الصفر” قبيل إرسال تركيا أياً من قواتها العسكرية إلى ليبيا، ومحاولة وضع عراقيل أمام المهمة العسكرية التركية.

الناطق باسم عملية “بركان الغضب” التابعة لحكومة الوفاق الليبية، مصطفى المجعي، أكد في تصريح سابق لـ”الخليج أونلاين”، أن “ساعة الصفر” التي أطلقها حفتر ردُّ فعل على الاتفاقية الأمنية التركية-الليبية التي تم توقيعها بين الرئيس التركي ورئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية، في نوفمبر الماضي.

وبيَّن “المجعي” أن الاتفاق العسكري مع تركيا “سيعمل على تعزيز وجود القوات الليبية في البلاد، من حيث التدريب، ودعم العناصر، وتعزيز صمودهم على الأرض”.

الباحث والمحلل السياسي الليبي، فتحي الفاضلي، يتوقع أن تتكون أولى طلائع القوات التركية المتوقع إرسالها إلى ليبيا، من معدات وخبراء وأفراد، وبوارج من السلاح البحري ستبحر في المياه الإقليمية الليبية.

ولا يستبعد “الفاضلي” في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، مشاركة قوات خاصة تركية، مع معونات لوجيستية متقدمة، في حال تدخلت مصر أو الإمارات أو السعودية عسكرياً في ليبيا، لحسم الأمر على الأرض.

وسترجح القوات التركية المتوقع وصولها إلى ليبيا، كفة قوات حكومة الوفاق، على الأرض، خاصة في حالة دخول سلاح الجو التركي والدفاعات الجوية الخاصة به، وفق تأكيد الفاضلي.

الباحث السياسي والمختص في الشأن التركي، سعيد الحاج، يضع سيناريو مختلفاً حول حديث الخبراء عن طبيعة التدخل التركي في ليبيا؛ إذ يرى أن تركيا ستكتفي فقط بإرسال مستشارين عسكريين أو أعداد قليلة من القوات إلى ليبيا، مع تقديم دعم عسكري لوجيستي لحكومة الوفاق لتجنيبها خسارة طرابلس بالحد الأدنى وفق المعطبات الحالية.

ويضع “الحاج” الأسباب التي تجعل تركيا لا ترسل قوات كبيرة إلى ليبيا، أولها التحديات القانونية والسياسية لمذكرة التفاهم بين الدولتين، والوضع الدولي لحكومة الوفاق، واعتراضات بقية الدول، وتحديات تسجيل الاتفاقية في المحافل الدولية.

ويرى أن من الأسباب التي تجعل تركيا لا ترسل قوات عسكرية كبيرة إلى ليبيا، اختلاف التدخل في ليبيا عن عملياتها العسكرية في سوريا من حيث القرب الجغرافي وتأمين القوات والمسوغات وكذلك مدى توحد الجبهة التركية الداخلية خلفها، وهو ما لا يبدو متوفراً في الحالة الليبية.

كما يرى الحاج بأن مستوى الدعم التركي مرشح للتغير بالتوازي مع التطورات السياسية والميدانية في ليبيا.

أما المحلل السياسي التركي، حمزة تكين، فيؤكد أن تلميح الرئيس أردوغان إلى إرسال قوات عسكرية من بلاده إلى لبيبا، يعكس الموقف التركي الحاسم حول التزامها الاتفاقيات الدولية التي توقعها، ويعبر عن وفائها لحلفائها.

ويأتي تصريح أردوغان، وفق حديث تكين لـ”الخليج أونلاين”، بعد توقيع مذكرتي التفاهم العسكرية والبحرية بين أنقرة وطرابلس، خاصة فيما يتعلق بالأمور العسكرية والأمنية، وهو “ما يؤكد عدم تخلي تركيا عمن يطلب الدعم منها، خاصةً الجهات التي تمثل شعوبها، وهي حكومة الوفاق المعترف بها دولياً”.

ولن تتأخر تركيا في إرسال قواتها العسكرية إلى ليبيا في حال طلبت منها ذلك رسمياً حكومة الوفاق الليبية، ولن يكون دعماً رمزياً بل قوياً، حسب تكين. وعن شكل وأعداد القوات التركية التي يمكن إرسالها إلى ليبيا، قال تكين إنها ستكون بأعداد كبيرة، وبإمكانات عسكرية متقدمة، ومعزَّزة بأسلحة ثقيلة؛ لإسناد القوات الليبية الشرعية ضد هجمات خليفة حفتر.

ووفق المحلل السياسي التركي، ستسهم هذه القوات الكبيرة، التي ربما تصل إلى ليبيا من البحر خاصة بعد الاتفاقية البحرية مع حكومة الوفاق، أو الجو، في قلب موازين القوى لمصلحة حكومة الوفاق والشعب الليبي ضد مليشيات حفتر.

قدرات الجيش التركي

وعن القدرة العسكرية والبشرية التي يمتلكها الجيش التركي، فهو وفق ما وجده “الخليج أونلاين”، يحتل المرتبة الـ9 عالمياً، ضمن قائمة أقوى جيوش العالم لعام 2019.

ويصل عدد أفراد الجيش التركي إلى 735 ألف جندي، بينهم 355 ألف جندي فاعل (داخل الخدمة)، و380 ألف جندي في قوات الاحتياط.

 

وعن القوة الجوية للجيش التركي، فيمتلك 1067 طائرة حربية متنوعة، بينها 207 مقاتلات، و207 طائرات هجومية، و87 طائرة نقل وشحن عسكري، إضافة إلى 289 طائرة تدريب، إلى جانب 94 مروحية عمودية هجومية.

 

ومن ضمن الطائرات التي يمتلكها الجيش التركي، 240 طائرة مقاتلة من طراز “إف 16 سي (F-16C)” تركية الصنع، وطائرتا نقل جوي من طراز (A 400M)، وطائرة استطلاع وإنذار مبكر.

وعن سلاح الدبابات الذي يسهم في حسم المعارك على الأرض، خاصة في حروب الشوارع، فيوجد لدى الجيش التركي 3200 دبابة و9500 مدرعة قتالية، و1120 مدفعاً ذاتي الحركة وأكثر من 1270 مدفعاً ميدانياً، إضافة إلى 350 راجمة صواريخ.

ويتميز الجيش التركي بامتلاكه أسطولاً بحرياً قوياً، يتكون من قرابة 194 قطعة بحرية، منها 10 طرادات، و12 غواصة، إضافة إلى 34 سفينة دورية و16 فرقاطة و11 كاسحة ألغام.

 

وتتميز الغواصات الكلاسيكية التي يضمها الأسطول التركي بقدرتها على المناورة وهدوئها خلال الحركة، وقدرتها على البقاء في الأعماق 50 يوماً دون الحاجة للمرور على أي ميناء، وتفوقها على كثير من مثيلاتها في قدرتها على إطلاق صواريخ موجهة بعيدة المدى.

وتصل ميزانية دفاع الجيش التركي إلى 8.6 مليارات دولار، ليحتل بها المرتبة الـ25 عالمياً من حيث حجم ميزانية الدفاع.

تركيا