ماذا وراء تخلي أمريكا عن الفصائل الكردية بعفرين لصالح تركيا؟

 

ماذا وراء تخلي أمريكا عن الفصائل الكردية بعفرين لصالح تركيا؟

عربي 21 – تقرير

أعلنت واشنطن في وقت سابق أن مدينة عفرين السورية الخاضعة لسيطرة تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، ليست ضمن نطاق عمليات التحالف الدولي الذي تقوده في سوريا.

وهذا التطور المفاجئ في الموقف الأمريكي أثار تساؤلات حول سبب تراجع واشنطن عن دعم أكراد سوريا في عفرين، في ظل الحديث عن تسليم أسلحة نوعية للقوات الكردية هناك، لا سيما مضادات طائرات، رغم النفي الرسمي من “وحدات حماية الشعب الكردي”.

وأثيرت تكهنات عدة حول السبب الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى الإعلان بأن عفرين ليست ضمن نطاق عمليات التحالف، في الوقت الذي تتجهز فيه تركيا لبدء عملية عسكرية كبيرة في المدينة السورية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وصف عفرين بأنها “خطر حقيقي”، معتبرا أن وجود القوات الكردية المسلحة فيها التي تصنفها تركيا “إرهابية”، يهدد الأمن القومي التركي.

 

وتقول تركيا إن عفرين بالنسبة لها تعد تهديدا على أمن الحدود التركية، حيث تمثل مركزا لتغذية الهجمات داخل تركيا، وفق ما قالته الحكومة التركية.

وتسارعت استعدادات الجيش التركي مع إعلان المسؤولين في البلاد عن اعتزام تركيا في إطار حقوقها بموجب الاتفاقيات الدولية، تنفيذ عملية عسكرية مرتقبة على عفرين.
وتركزت أبرز التكهنات بالموقف الأمريكي حول أربعة أسباب:

– الضغوط التركية
– توريط تركيا بعفرين
– تهدئة تركيا
– لا مصلحة لها بعفرين

فمن جهته، شدد الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج، على أن عفرين تعد “خطا أحمر بالفعل بالنسبة لتركيا، وأن السيطرة للقوات الكردية التي تصنفها إرهابية تعد السبب الرئيس الذي دفعها للعملية العسكرية”.

وفي تحليله للأسباب التي دفعت أمريكا للتراجع عن حماية عفرين ودعمها، أوضح لـ”عربي21” أن الاحتمال الأول بخصوص الضغوط التركية، يعني أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد تم الضغط عليها فعلا من تركيا، لذلك تخلت عن عفرين وتخلت عن فكرة دعم الأكراد هناك.

ولكنه اعتبر أن فرص هذا السيناريو قليلة جدا، ولكنه أشار إلى أن هذا الأمر ليس بغير المسبوق، فقد سبق أن تخلت أمريكا عن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، لصالح تركيا.

أما الاحتمال الثاني، فأشار الحاج إلى أن أمريكا قد تكون فعلا تحاول دفع تركيا إلى عملية عفرين لتوريطها بطريقة أو بأخرى هناك، لأنه في نهاية المطاف، تضاريس عفرين الجغرافية والمحددات العسكرية الميدانية فيها مختلفة تماما عن درع الفرات، ما يمكن أن يتسبب بمشاكل لتركيا عسكرية وسياسية في الداخل.

وأوضح أن عفرين عبارة عن منطقة جبلية، بالإضافة إلى أن هناك تسليحا لوحدات الشعب الكردي يختلف عما واجهته عمليات درع الفرات في السابق، وربما تريد أمريكا أن تبدو كأنها تتنصل من حماية عفرين، بالتالي تدخل تركيا مطمئنة إليها، وتحصل مفاجآت هنا أو هناك.

وتعليقا على السيناريو الثالث، قال الحاج: “ربما أرادت أمريكا التراجع سريعا بخصوص ملف فصائل الأكراد في عفرين، لامتصاص الغضب التركي، ومحاولتها احتواء الموقف”.

ولفت إلى أن الهدف من هذا الإجراء “محاولة منع تركيا من بدء العملية العسكرية في عفرين، إذ إنها في حال أثبتت أنها لا تقدم دعما للأكراد من خلال موقفها من التخلي عنهم فقد يدفع ذلك الأتراك إلى إلغاء مخططاتهم في عفرين”، مشيرا إلى أن هذا السيناريو وارد.

أما عن الاحتمال الأخير، فأشار إلى أن القرار التركي متعلق بالتفاهمات مع روسيا أكثر من التفاهمات مع أمريكا بخصوص عفرين.

وعلل ذلك بالقول إن “روسيا موجودة عسكريا هناك، وليس أمريكا، وهذا ما يمكن أن يفسر سبب تأخر بدء العملية حتى الآن، إذ إن تركيا ما زالت تحاول التفاهم مع روسيا.

وذهب كذلك إلى أن هذا الأمر يفسر أيضا الخبر الذي نشر اليوم بتوجه مسؤولين أتراك عسكريين لروسيا لإقناعها بجدوى عملية عفرين، ما يمنع تصادمات في التوجهات بخصوص العملية.

تعاطي أمريكا مع الفصائل الكردية

وذهب معلقون أيضا إلى أن تعامل أمريكا مع الفصائل الكردية المسلحة في عفرين يختلف عن الفصائل الكردية في شرق نهر الفرات ومنبج.

واتفق الحاج مع هذا التحليل، وقال إن الخريطة الحالية في شمال سوريا، تشير إلى نفوذ قوات سوريا الديمقراطية في شرق نهر الفرات، ولديها شبه جيش نظامي يقدر بالآلاف بالإضافة إلى وجود السلاح والتدريب الأمريكي.

إلى جانب أن هناك وجودا عسكريا أمريكيا مباشر شرق الفرات في عشرة قواعد عسكرية.

أما في عفرين شمال غرب سوريا، فهناك أكراد تحت مسمى وحدات حماية الشعب، وهذه القوات موجودة بشكل أكبر من “قسد”، وليس هناك وجود عسكري مباشر لأمريكا، إنما هناك بعض النقاط العسكرية الروسية، لذلك فالأمر مختلف، وفق الحاج.

وشدد على أن أمريكا غير موجودة في عفرين على خلاف منبج وشرق نهر الفرات.


أهمية معركة عفرين

ومشيرا إلى أهمية معركة عفرين بالنسبة لتركيا، قال الحاج إن السيطرة التركية على المدينة تعني “منع التواصل الجغرافي بين مناطق النفوذ الكردية في سوريا، ما يفشل نوعا ما حلم الدويلة الكردية”.

ولكنه لفت في الوقت ذاته إلى أن المعركة “لا تعني أنها وأدت تماما فكرة الدويلة الكردية، لأن الفصائل الكردية المسلحة ما زالت تسيطر على أراض ما زال فيها موارد طبيعية وسكان تحكمهم، وشهدت إعلان إدارات ذاتية، بالإضافة إلى وجود سلاح ودعم وتدريب من أمريكا”.

وأشار إلى أن “العملية في عفرين حاضرة منذ زمن بعيد، وشهدت تعقيدات كبيرة متعلقة بالوجود العسكري الأمريكي والروسي، والتنسيق مع هذه الأطراف كلها، فهي لا تريد أن تدخل مغامرة غير محسوبة”.

Total
0
Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقال السابق

مصر:مجاملات إعلامية و وساطات دبلوماسية لإعادة العلاقة مع تركيا

المقالة التالية

عملية عفرين: ذروة التوتر بين أنقرة وواشنطن

المنشورات ذات الصلة