أعطت نتائج الانتخابات البلدية اردوغان دفعة كبيرة للترشح لرئاسة الجمهورية، ولا يبدو أنه هناك في المعارضة من يستطيع منافسته، بل لا تبدو المعارضة قادرة على التوحد خلف مرشح واحد في مواجهته، مما يشير إلى إمكانية حسم الانتخابات الرئاسية في آب/أغسطس المقبل من الجولة الأولى.
لكن العائق أو التحدي الوحيد هو مستقبل الرئيس الحالي عبدالله غول السياسي. إذ لا يتوقع له إنهاء حياته السياسية، كما لا يتوقع أن يتنافس رفيقا الدرب اللذان يتمتعان بشعبية عالية ويتطابقان في الفكر والرؤى (بمعنى أن الكتلة التصويتية لكليهما تقريباً واحدة) على نفس المنصب، بل الأغلب أن يكون هناك تشاور وتنسيق بينهما. والسيناريو الأقرب حسب كثير من المراقبين هو التبادل بينهما وفق نموذج بوتين – ميدفيديف، بحيث يتولى اردوغان الرئاسة وغول رئاسة الوزراء، طبعاً عبر الانتخابات. لكن كيف؟؟
أحد المواقع التركية نشر اليوم موضوعاً يقول أن كواليس العدالة والتنمية مشغولة حالياً بهذا الأمر وكيفية حله قانونياً. إذ المفروض أن يستقيل اردوغان من رئاسة الحزب لدى ترشحه للرئاسة، في حين أن الرئيس غول ليس عضواً في مجلس الشعب الآن (الذي يبدو أن عضويته شرط لرئيس الوزراء)، ولا حتى عضواً في العدالة والتنمية ليرأسه.
وحسب الخبر، فإن السيناريو يتطلب إدخال الرئيس الحالي في العدالة والتنمية ليشارك في هيئته العمومية التي ستنظم في شهر أيلول/سبتمبر المقبل، لينتخب رئيساً للحزب، ويقوده في الانتخابات البرلمانية المتوقع إجراؤها في شهر أيار/مايو 2015. كما يتطلب السيناريو إدخال غول مجلس الشعب، وليس هناك سوى طريقين:
الأول، تبكير الانتخابات البرلمانية لتتزامن مع الرئاسية، وبذلك لا يحصل فراغ طويل في رئاسة العدالة والتنمية، ويتم تأمين وصول غول للبرلمان. لكن هذا السيناريو يبدو غير محبذ لدى قيادة الحزب الحاكم (رغم أنه يضمن له فرصة أفضل ونسبة تصويت أعلى ويريحه من أسئلة المرحلة الانتقالية وأسمائها) لأن الانتخابات البلدية وادعاءات الفساد جمدت الأسواق وأضرت بالاقتصاد وأخافت المستثمرين في انتظار ما ستسفر عنه الانتخابات المحلية. والآن بعد النتائج التي دعمت استقرار البلاد عاد الانفراج الاقتصادي شيئاً فشيئاً، ولذلك لا يريد حزب الأغلبية الحديث عن انتخابات مبكرة تعيد نفس القلق والجمود للأسواق (يكرر قادة العدالة والتنمية: نقبل الخسارة إن فازت تركيا).
الثاني، هو تأمين انتخاب عبد الله غول وفق السيناريو الذي اتبع في بداية تأسيس العدالة والتنمية. إذ في تلك الفترة كان الحظر السياسي مطبقاً على اردوغان، فقاد غول الحزب والحكومة لحين انتهت فترة الحظر السياسي، فاستقال أحد نواب الحزب عن منطقة “سييرت” من البرلمان، الأمر الذي تطلب إعادة الانتخابات في تلك المنطقة وترشح اردوغان فيها وفاز، ثم استقال غول من رئاسة الحكومة، وأعاد اردوغان تشكيلها.
الآن، يبدو أن العدالة والتنمية سيسير وفق نفس السيناريو، بتقديم أحد النواب استقالته من منطقة فيها نائب واحد فقط، لفرض إعادة الإنتخابات فيها المنطقة ليترشح عنها الرئيس الحالي ويفوز. وقد درس الحزب فعلاً مختلف المناطق ووصل إلى أن منطقة “بايبورت” بها نائب واحد، ومن أعضاء العدالة والتنمية، بحيث يشغر المكان مع استقالته ويتم اللجوء إلى انتخابات فيها.
هكذا، سيكون بوسع الرئيس غول دخول البرلمان قبل الانتخابات الرئاسية، ثم الترشح لرئاسة العدالة والتنمية في هيئته العمومية في شهر أيلول/سبتمبر، ليقود حملة الحزب للانتخابات البرلمانية في 2015، في حين يكون اردوغان قد وصل إلى رأس هرم الدولة، دون تخبط كبير أو اضطرابات قد تعيق الحزب أو تخلط أوراقه في هذه المرحلة الحساسة. فهل ينجح الحزب في تنفيذ هذه الخطة بهذه السلاسة المتصورة؟