فرص “عاصفة حزم” محتملة في سوريا وخيارات تركيا

 

ملخص

مثلت عملية “عاصفة الحزم”مرحلة جديدة في علاقات الدول العربية والإقليمية، وسابقة توحي بإمكانية حل القضايا المستعصية في المنطقة بعيداً عن جمود التوازنات الإقليمية والعالمية.

وقد أدت المفاجأة التي مثلتها العملية بحجمها وتوقيتها، إضافة إلى التردد الإيراني إزاءها، إلى صدور دعوات شعبية ونخبوية إلى تكرار السيناريو اليمني في سوريا بقيادة تركية، قبل أن تتحدث بعض التسريبات الإعلامية عن وجود مباحثات تركية -سعودية من أجل تدخل مماثل في سوريا.

تناقش هذه الورقة محددات الموقف التركي في الأزمة السورية، وفرص الاستفادة من عاصفة الحزم بعملية مشابهة في سوريا، والعوائق التي تصعب من هذه الإمكانية، ضمن سيناريوهات ثلاثة:

الأول، تنفيذ تركيا عملية عسكرية لإسقاط النظام في سوريا بتنسيق و/أو تعاون مع السعودية ودول الخليج.

الثاني، التزام تركيا بموقفها الحالي الداعي لإسقاط النظام دون أي مبادرة لذلك.

الثالث، خيار المواجهة غير المباشرة مع إيران، عبر دعم اللاعبين المحليين وإضعاف الأخيرة في سوريا والعراق واليمن.

 

مقدمة

بعد أكثر من أربع سنوات من اندلاع الثورة، تبدو القضية السورية أكثر قضايا المنطقة استعصاءً على الحل، وأكبر التحديات للسياسة الخارجية التركية. ذلك أن الموقف التركي عالي السقف والمطالب برحيل الرئيس وإسقاط النظام لم يجد طريقه للواقع، ولم تسعفه الظروف الإقليمية والمحلية على تحقيق أهدافه.

اليوم، تمثل عاصفة الحزم سابقة فريدة في المنطقة، باعتبارها حلاً عربياً وإقليمياً لكسر جمود التوازنات الدولية والمبادرة إلى التدخل في اليمن لفرض الحل. وهو ما جعل طرح السؤال حول إمكانية الاستفادة من التحالف المعلن والظروف الحالية لتنفيذ سيناريو مشابه في سوريا سؤالاً منطقياً، باعتبار التشابهات الكثيرة والكبيرة بين الملفين اليمني والسوري، على الأقل لجهة الأطراف الإقليمية المعنية واصطفافاتها.

 

محددات الموقف التركي من الأزمة السورية

خلال فترة الحرب الباردة كانت تركيا عضواً في المعسكر الغربي بينما كانت سوريا حليفاً للاتحاد السوفياتي، وهو ما وتر العلاقات بينهما لسنوات طويلة، خصوصاً في ظل النزاع على لواء الاسكندرون ودعم النظام السوري لحزب العمال الكردستاني. لكن نظرية تصفير المشاكل التركية وحرص أنقرة على العلاقات الاقتصادية تحديداً مع دول الجوار دفع بالعلاقات التركية السورية إلى ذروتها خلال سنوات قليلة[1]، حتى أصبحت سوريا بوابة تركيا نحو العالم العربي، وتم إلغاء التأشيرات بين البلدين، وتأسيس مجلس أعلن للتعاون الاستراتيجي بينهما عام 2009[2]، وارتفع التبادل التجاري بينهما من 700 مليون دولار عام 2002 إلى 2.2 مليار دولار عام 2010[3].

بعد أشهر قليلة من اندلاع الثورة السورية قام خلالها وزير الخارجية التركي آنذاك أحمد داود أوغلو بعدة زيارات إلى دمشق للتوسط لدى النظام للتخلي عن الحل الأمني والقيام بإصلاحات ديمقراطية، اتخذت تركيا قرارها بدعم المعارضة والمطالبة برحيل النظام، تمشياً مع سياستها الداعمة للثورات والمراهنة على لحظة الربيع العربي[4].

بيد أن استدامة الأزمة دون حل، وحالة الفوضى العسكرية السائدة على الأرض السورية، إضافة لتذبذب الموقف الأمريكي، كانت من بين الأسباب التي أدت إلى تراجع الموقف التركي عن شرط رحيل الأسد، خصوصاً في ظل توقعات باتفاق وشيك بين إيران ودول (5 زائد 1) عام 2014 وتبعاته المتوقعة، وهو ما دفع تركيا لتأييد الحل السياسي من خلال مفاوضات “جنيف 2″وحث المعارضة السورية على المشاركة به[5].

في حزيران 2014، ومع ظهور تنظيم الدولة  الإسلامية (داعش) في الموصل وتشكيل التحالف الدولي لمواجهته، تبلور موقف تركي وافق لفظياً وبشكل مبدئي على المشاركة به، لكنه تمنع حتى الآن عن الانخراط الفعلي في العمليات العسكرية، أولاً لتبنيه رؤية تطالب بإسقاط النظام في دمشق باعتباره أحد أهم أسباب ظهور التنظيم، وثانياً لسوق تركيا شروطاً ثلاثة بين يدي مشاركتها حماية لأراضيها، وهي المناطق الحدودية الآمنة، مناطق حظر الطيران، وتدريب وتسليح المعارضة السورية[6].

 

عاصفة الحزم والموقفان التركي والإيراني

أتت عملية عاصفة الحزم في فترة تشهد تقارباً في العلاقات بين المملكة العربية السعودية وتركيا، بدأ بلحظة وفاة الملك عبدالله ومسارعة الرئيس التركي للجنازة ثم استمر مع الاحتفاء الواضح بزيارته للسعودية، ولذلك فلم تتأخر أنقرة طويلاً في إعلان موقفها منها.

بعد ساعات فقط من لحظة البدء، أعلنت وزارة الخارجية التركية دعمها الكامل للعملية وعلمها المسبق بها، ثم أبدى اردوغان استعداد بلاده لتقديم الدعم اللوجستي لها[7]، بينما حملت تصريحاته لأول مرة لهجة هجومية على طهران التي اتهمها بتهديد الأمن والسلام في المنطقة وطالبها بسحب قواتها من اليمن وسوريا والعراق، وهو ما أثار التساؤلات حول المدى الذي يمكن أن يصله الموقف التركي[8].

على الجهة الأخرى بدت ردة الفعل الإيرانية مرتبكة، حيث دعا وزير الخارجية جواد ظريف من جنيف إلى وقف العملية العسكرية فوراً باعتبارها “تتعارض مع مبادئ القانون الدولي”، قائلاً إن بلاده “ستبذل قصارى جهودها لاحتواء الأزمة في اليمن”[9]. بينما صرحت الناطقة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم بأن العملية قد تقضي على “فرص التوصل إلى حل سلمي للخلافات الداخلية في اليمن”[10]. أما الرئيس روحاني فقد طلب في اليوم الحادي عشر للضربات الجوية من عمان التوسط مع السعودية لوقف العملية العسكرية، وهو ما رفضته الرياض[11].

وتبدو في خلفية الموقف الإيراني البطيء والمرتبك عدة أسباب أهمها:

أولاً، عنصر المفاجأة في العملية وسرعة التحرك السعودي ومن خلفه التحالف.
ثانياً، انشغال طهران بمفاوضات الملف النووي أثناء إطلاق العملية العسكرية، ورغبتها في عدم التشويش على نتائجها التي كانت تسير نحو إنجاز اتفاق تاريخي مع الغرب.

ثالثاً، التحرك الجماعي ضمن تحالف عشري، والذي أضعف الموقف الإيراني وعقد حساباته.
رابعاً، بُعد الجغرافيا اليمنية عن عمق طهران الاستراتيجي وعدم أولويتها في حسابات الجيوبوليتيك الإيراني، وهو ما يجعل ثمن الدعم الإيراني المباشر باهظاً، إضافة إلى صعوبته وتأخره.
خامساً، انتفاء الحاجة للتدخل المباشر والسريع/المتسرع، باعتبار أن فرص الضربات الجوية في حسم المعركة ضعيفة خاصة في الفترة الأولى، ولأنها ركزت في البدء على قوات الرئيس اليمني المخلوع أكثر من الحوثيين، الذين يصعب القضاء عليهم دون مواجهة برية – محلية.
سادساً، امتلاك إيران أوراق قوة يمكنها تحريكها متى شاءت على المديين المتوسط والبعيد في عدد من الدول الخاضعة لنفوذها (اليمن وسوريا والعراق)، إضافة إلى الخواصر الضعيفة للسعودية مثل منطقتها الشرقية والملف البحريني.

 

فرص نقل التجربة

هذا التردد الإيراني وردة الفعل الأقرب للموقف الدفاعي المتردد، واستمرار عاصفة الحزم دون توقف أو عراقيل كبيرة، إضافة إلى عدد من التطورات الإقليمية والدولية على رأسها قرار مجلس الأمن بخصوص اليمن، جعلت من المنطقي طرح إمكانية الحديث عن تكرار السيناريو اليمني في سوريا بقيادة تركية. أكثر من ذلك، تحدثت صحيفة هفنغتون بوست عن محادثات تركية – سعودية حول إمكانية التدخل في سوريا[12].

ومن الأمور التي قد تشجع تركيا على اتخاذ هذا القرار:

أولاً، التشابه الكبيربين الحالتين اليمنية والسورية لجهة المحاور الإقليمية المتنازعة، حيث تدعم إيران النظام السوري فيما تقف معظم دول التحالف العشري ضده.

ثانياً، استثمار لحظة عاصفة الحزم واستنزاف إيران في اليمن إلى جانب سوريا وربما العراق وهو ما يقلل من أوراق القوة بيدها في مواجهة تركيا.

ثالثاً، التوافق التركي السعودي حول الملف السوري وصولاً لحالة من التنسيق مؤخراً، وهو ما سيعطي تركيا غطاء سياسياً إقليمياً.

رابعاً، بوادر موقف دولي داعم لعاصفة الحزم أو على الأقل راض بها، وهو ما ظهر في القرار الذي أصدره مجلس الأمن بخصوص اليمن بأغلبية ساحقة واكتفاء روسيا بالامتناع عن التصويت[13]، إضافة إلى الدعم اللوجستي الذي قدمته واشنطن من خلال الصور الجوية والمعلومات الاستخبارية[14].

خامساً، تلميح الإدارة الأمريكية إلى عدم معارضتها تحركاً عسكرياً في سوريا[15].

سادساً، ما تمتلكه تركيا من عناصر قوة وتفرد في المشهد السوري، من حدود مشتركة تمتد على 850 كم، إلى علاقات وثيقة مع المعارضة السياسية والفصائل العسكرية، إلى معلومات استخباراتية جنتها على مدة السنوات الأربع، إلى قدرات عسكرية يمكنها التقدم بسرعة لفرض الأمر الواقع ابتداءً من المناطق الحدودية، إلى وجود تفويض من البرلمان التركي للحكومة بالقيام بعمل عسكري خارج البلاد متى ما اقتضت الحاجة لذلك، إلى قدرتها على استثمار أي تطور أو ربما افتعال حدثٍ ما يكون الذريعة لبدء العملية العسكرية.

 

صعوبات وعراقيل

من ناحية أخرى، ثمة اختلافات جوهرية بين المشهدين اليمني والسوري تصعّب من سيناريو التدخل التركي، وتدعو أنقرة للتفكير ملياً قبل أي قرار بهذا الاتجاه، أهمها:

أولاً، الفروق الجوهرية بين سوريا واليمن في ميزان الاستراتيجيا الإيرانية، فالاولى هي عمقها الاستراتيجي وحديقتها الخلفية التي إن فقدتها خسرت التواصل الميداني المباشر مع حلفائها.
ثانياً، الموقف الروسي الحاضر بقوة في سوريا باعتبارها آخر معاقل نفوذه في الشرق الأوسط، وهو ما سيجعل أي تحرك عسكري في سوريا ذا طابع دولي وليس إقليمياً صرفاً.

ثالثاً، اعتماد تركيا على إيران في مجال الطاقة بشكل كبير حيث تستورد %28 من نفطها، و %19 من غازها الطبيعي، و %20 من كهربائها، بينما يميل الميزان التجاري بين البلدين لمصلحة إيران (10 من أصل 14 مليار دولار)[16].

رابعاً، إمكانية استثمار إيران لتجاذبات المشهد التركي الداخلي، فيما خص العلويين (علويي المناطق الجنوبية تحديداً) والملف الكردي من خلال نفوذها على قيادات جبال قنديل في العراق، وهو ما قد يؤدي لاضطرابات داخلية لا تريدها تركيا خصوصاً الآن قبل أسابيع من الانتخابات البرلمانية.

خامساً، تعذر فتح جبهة جديدة من قبل التحالف العشري قبل تحقيق إنجازات واضحة على الجبهة اليمنية.

سادساً، صعوبة إجماع التحالف على التحرك العسكري في سوريا باعتباره حرباً مباشرة مع إيران، بخلاف عاصفة الحزم التي تهدف في النهاية لإعادة التوازن إلى اليمن ودفع الجميع للجلوس إلى طاولة الحوار مجدداً[17].

سابعاً، العملية العسكرية في سوريا ستكون على الحدود التركية مباشرة وهو ما يهدد بارتداداتها في الداخل التركي، خاصة في ظل عدم تحقيق شَرطي المناطق الحدودية الآمنة ومناطق حظر الطيران. Ortadoğu Etütleri, Volume 5, No 2, January 2014, pp.141-164.

ثامناً، افتقاد عنصر المفاجأة في أي عملية عسكرية مزمعة، وضعف فصائل المعارضة السورية.

تاسعاً، الاتفاق الإطاري الموقع بين إيران ودول (5 زائد 1)، والذي قد يحرر يدها أكثر في الإقليم، خاصة سوريا.

 

السيناريوهات المحتملة

تناقش الورقة ثلاثة سيناريوهات محتملة بخصوص إمكانية التدخل التركي في سوريا:

السيناريو الأول، تنفيذ عملية عسكرية بتنسيق و/أو تعاون مع السعودية ودول الخليج.

يتضمن هذا السيناريو مبادرة تركية جريئة لفرض حقائق الأمر الواقع في سوريا، استهلالاً باعتماد مناطق آمنة على طول الحدود التركية – السورية وفرض حالة حظر على طيران النظام في الشمال السوري، وصولاً إلى التوغل التدريجي لدعم المعارضة السورية وتغليب كفتها على النظام.

بيد أن هذا السيناريو يضع تركيا في مواجهة مباشرة مع إيران وربما روسيا، دون ضمانات من واشنطن أو حلف الناتو بدعمها، وهو ما يجعلها مغامرة غير مضمونة العواقب. من ناحية أخرى، ما زالت تركيا مؤمنة بنظرية “تصفير المشاكل”التي صاغها داود أوغلو كشرط لصياغة دور تركي فاعل وقوي في المنطقة، ومصرة على تجنب الصراعات المسلحة خاصة التي يمكن أن تأخذ صبغة مذهبية أو إثنية، لانعكاساتها المدمرة على الجميع، كما ترفض حتى الآن الدخول بأي مواجهة عسكرية دون قرار دولي يشكل لها الإطار القانوني.

يقلل كل ذلك من فرص تحقق هذا السيناريو، لكنه قد يصبح أمراً واقعاً إذا ما تعرضت تركيا لاعتداء أو تدحرجت الأحداث في اليمن أو في سوريا بطريقة تضطر تركيا معها إلى الانخراط في العملية حماية لمصالحها أو حدودها.

الثاني، التزام تركيا بموقفها الحالي الداعي لإسقاط النظام دون أي مبادرة لذلك.

وهو سيناريو مستبعد جداً باعتبار الخلفية الفكرية للعدالة والتنمية المبنية على أهمية استثمار الفرص المتاحة في “الفترات الدولية الديناميكية”لبسط النفوذ وزيادة المكانة، وفي ظل الظروف المواتية لها لتغيير موازين القوى في جوارها[18].

فحالة السيولة في المنطقة تفتح الآفاق لإمكانية الاستثمار، كما أن المواقف الدولية مثل قرار مجلس الأمن وإيماءات الولايات المتحدة تدفع نحو استمرار العملية في اليمن بما يضيق على إيران هامش المناورة، حيث بدت حتى الآن ملتزمة بموقف سلبي وصل بالرئيس روحاني إلى نفي سعي بلاده للسيطرة على المنطقة عبر التمدد الشيعي، بينما قال وزير خارجيته إن إيران “ستستخدم كل نفوذها للتوسط في اتفاق سلام في اليمن”[19].

الثالث، المواجهة غير المباشرة مع إيران، عبر دعم اللاعبين المحليين.

وهو سيناريو يقتضي تجنب أي مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران أو حليفها النظام السوري تفادياً للخسائر المباشرة وتجنباً لمستنقع التواجد طويل المدى في سوريا لترتيب مرحلة ما بعد الأسد وتحمل مسوؤلياتها ومخاطرها، بينما يركز على تغذية عناصر استنزاف إيران عبر تقوية اللاعبين المحليين في مختلف الساحات، وهو ما يبدو أنه قد بدأ فعلاً.

ففي اليمن تبدو إيران في عجلة من أمرها لوقف عاصفة الحزم بأسرع ما يمكن قبل إضعاف حلفائها الحوثيين تماماً، وهي بذلك مستنزفة إلى درجة ما سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً، مما يضطرها إلى التهدئة وربما التراجع.

أما في العراق وسوريا، فيبدو أن حالة من التفاهم تسود بين تركيا والسعودية، وهو ما انعكس على شكل تطورات إيجابية في الفترة الأخيرة، منها تدريب تركيا لعناصر من العشائر العراقية السنية[20]، إضافة إلى تقدم المعارضة السورية على أكثر من محور، الأمر الذي يوحي برفع سقف الدعم المقدم من العواصم الداعمة، وعلى رأسها أنقرة والرياض.

من ناحية أخرى يجب النظر إلى التحركات الدبلماسية على محور الرياض – أنقرة -إسلام أباد، والتواصل مع الحكومة العراقية، واللهجة التركية عالية السقف إزاء طهران، والحرص على إتمام زيارة اردوغان لها، والاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مؤخراً بين البلدين، على أنها عناصر ضغط من جهة ومحاولات احتواء من جهة أخرى لاستثمار حالة التراجع التي يشهدها حضور إيران في ساحات تمددها السابقة.

كل المعطيات السابقة، إضافة إلى الرؤى الفكرية للقيادة التركية وتقاليد القوة الناعمة التي تنتهجها منذ 2002، ترجح كفة هذا السيناريو على سابقيه، بمعنى أن تركيا ستسعى إلى إسقاط نظام الأسد بالنقاط وليس بالضربة القاضية.

 

خاتمة

وضعت التطورات الأخيرة في اليمن الجارين التاريخيين تركيا وإيران في حلفين متواجهين، بعد أن حرصا على مدى سنوات طويلة على تغليب لغة التعاون وتجنب المواجهة، حتى في أعمق الخلافات بخصوص سوريا، كما جعلت من أي تحرك عسكري تركي في سوريا أمراً ممكناً.

ورغم وجود العديد من المحفزات أو الدوافع التي قد تشجع أنقرة على ذلك، إلا أن عناصر نظرية وعملية واستراتيجية عديدة تمنع تركيا من الانجرار لمخاطرة بهذا الحجم، وهو الموقف المنسجم مع السياسات التركية المحافظة والمعتمدة على القوة الناعمة، خاصة وهي لا تستطيع الاعتماد الكامل على تفاهمها الحديث جداً مع السعودية ودول الخليج.

وهو ما سيدفع باتجاه الضغط على طهران عبر تغذية عناصر استنزافها غير المباشرة – اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً – كاحتمال أكبر. وإضافة إلى الانتخابات البرلمانية التركية في حزيران/يونيو القادم والتي ستمنع بكل تأكيد تحركاً عسكرياً وشيكاً، تبقى – على المدى البعيد – تطورات عملية عاصفة الحزم ونتائجها معياراً أساسياً في حسابات صانع القرار التركي، ومحدداً رئيساً في سيرورة التطورات في مجمل الإقليم، وهو ما يقلل من فرص التدخل العسكري التركي المباشر، على الأقل في المرحلة الحالية.

[1]  للمزيد حول نظرية “تصفير المشاكل” أنظر: : أحمد داود أوغلو، العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، مركز الجزيرة للدراسات، 2010، ص 170.

وللمزيد حول أهمية العلاقات التركية السورية باعتبار سوريا البوابة الجنوبية لتركيا، أنظر: نفس المصدر، ص 435 – 441.

[2]  سوريا وتركيا تعززان التعاون الاقتصادي، الجزيرة نت، 24 كانون أول/ديسمبر 2009:  http://goo.gl/EhXUca

[3]  الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية التركية، تاريخ الدخول 17 نيسان/ابريل 2015:   http://goo.gl/JjFpTe

[4]  اردوغان: أيام الأسد في الحكم معدودة، الجزيرة نت، 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2011:  http://goo.gl/lFzhsO

[5]  داود أوغلو: تركيا ستؤيد مشاركة إيران في “جنيف 2” في حال توقيعها على بيان جنيف، موقع روسيا اليوم، 9 كانون الثاني/يناير 2014:

http://goo.gl/spfLWo

[6] Erdoğan Sets Three Conditions to Join Anti-İSİL Coalition, Yenişafak, 31 October 2014:

http://goo.gl/01KFlc

[7] Erdoğan: Turkey may provide logistics support to Decesive Storm, Alarabiya News, 27 March 2015:

http://goo.gl/3I5MTX

[8]  اردوغان: على إيران سحب قواتها من اليمن وسوريا والعراق وتغيير مواقفها، تركيا بوست، 27 آذار/مارس 2015:

http://www.turkey-post.net/p-30849/

[9]  إيران تتخبط في تصريحاتها بشأن الأزمة اليمنية، العربية نت، 26 آذار/مارس 2015:  http://goo.gl/mLrHoO

[10]  أفخم: الغارات الجوية على اليمن خطوة خطرة تتعارض مع القوانين الدولية، الميادين، 26 آذار/مارس 2015:

http://goo.gl/ssFgLs

[11]  إيران تطلب مساعدة سلطنة عمان لوقف عاصفة الحزم، الخليج أون لاين، 5 نيسان/ابريل 2015:  http://goo.gl/Uk4zsl

[12] Saudi Arabia, Turkey Discussing Unlikely Alliance to Oust Syria’s Assad, The Huffington Post, 13 April 2015:  http://goo.gl/Ikyy7B

[13]  قرار مجلس الأمن ضد الحوثي: حظر أسلحة وتسليم السلطة، العربي الجديد، 14 نيسان/ابريل 2015:  http://goo.gl/HiQmhs

[14] Officials: Saudi-Led Action Relied on U.S. İntelligence, The Washington Post, 26 March 2015:

http://goo.gl/NjhlFz

[15]  أوباما يلتزم بدعم أي تحرك عربي ضد الأسد، الجزيرة نت، 6 نيسان/ابريل 2015:  http://goo.gl/RCfjUm

[16] للمزيد حول العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإيران، أنظر مثلاً:

Serhan Ünal and Eyüp Ersoy, Political Economy of Turkish – İranian Relations: Three Asymmetries, Ortadoğu Etütleri, Volume 5, No 2, January 2014, at: http://goo.gl/J01OJa

[17] وزير خارجية الكويت: الهدف من عملية عاصفة الحزم هو إعادة اليمنيين لطاولة الحوار، وكالة الأنباء القطرية، 31 آذار/مارس 2015:

http://goo.gl/gcRTiX

[18]  للمزيد انظر: أحمد داود أوغلو، العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، مركز الجزيرة للدراسات، 2010، ص 27.

[19]  ظريف: إيران ستستخدم نفوذها للتوسط في اتفاق سلام في اليمن، رويترز، 15 نيسان/ابريل 2015:  http://goo.gl/X9ag1i

[20]  ضباط أتراك يدربون “الحشد السني” بالعراق، تركيا بوست، 15 آذار/مارس 2015:  http://www.turkey-post.net/p-36200/

Total
0
Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقال السابق

فرصة لفتح صفحة جديدة في العلاقات السعودية التركية

المقالة التالية

هل انزلقت تركيا إلى دوامة الفوضى؟

المنشورات ذات الصلة