عملية تركية جديدة شمال العراق.. ما علاقتها بالمنطقة الآمنة؟
مع بدء المرحلة الأولى من اتفاق الولايات المتحدة وتركيا لإنشاء منطقة آمنة، شرق الفرات، أعلنت تركيا إطلاق عملية “المخلب3″، ضد الوحدات الكردية في مناطق جديدة شمال العراق.
كانت الخلافات التركية الأمريكية حول المنطقة الآمنة تتركز حول عمقها، فأنقرة تصر على إنشاء منطقة بعمق يصل إلى 32 كم، وعلى امتداد حدود تصل لـ460 كم، تصل حتى شمال العراق، لقطع خطوط التواصل بين وحدات العمال الكردستاني هناك، والوحدات الكردية في شرق الفرات.
تقول تركيا إن عملية “المخلب3″، تأتي لضمان أمن الحدود من الخطوط الأمامية، واستكمالا لـ”مخلب”و “مخلب2” في المنطقة بمواجهة منظمة العمال الكردستاني وأجنحته في شمال العراق.
وأعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن قواته تمكنت من القضاء على 654 مسلحا في العمليات ضد منظمة العمال الكردستاني شمال العراق خلال 8 أشهر.
وفي هذا السياق، قال المختص الأمني التركي، مته يارار، إن الهدف من “مخلب3″، استكمال للعمليات التي بدأت بها أنقرة في شمال العراق، لافتا إلى أن المسار الأول كان في المنطقة التي تقع أسفل منطقة داغليجا، والمسار الآخر في أسفل منطقة تشوقورجا في ولاية هكاري جنوب شرق تركيا.
وأوضح في تقرير لصحيفة “حرييت” أن العملية التي بدأت اليوم تستهدف المعسكرات التي يتم العبور منها إلى سوريا، والقريبة من منطقة شيرناق جنوب شرق تركيا.
منطقة آمنة شمال العراق
وأشار إلى أن تركيا، قامت عمليا بإنشاء منطقة آمنة بعمق يتجاوز الـ30 كم في شمال العراق، فيما يجري الآن الحديث عن المنطقة الآمنة في شمال سوريا.
ولفت إلى أن منطقة نطاق عملية “مخلب3″، “سينات- حفتانين”، تعد أحد الممرات الرئيسية التي يستخدمها حزب العمال الكردستاني للوصول إلى شرناق القريبة من الحدود السورية، وتعد مركز انطلاق عملياتهم.
تأمين الحدود مع العراق وسوريا
بدوره رأى الخبير العسكري التركي، عبد الله أغار، أن أنقرة عازمة على مواجهة منابع تمركز وحدات العمال الكردستاني، التي تتخذ مواقع ومعسكرات لها على طول حدود ما يقارب 350 كم، من شمال العراق حتى سوريا.
وأضاف، أن “سينات- حفتانين”، إحدى المناطق الرئيسية الاستراتيجية لوحدات العمال الكردستاني، يتواجد فيها الآلاف من الأنفاق والمواقع العسكرية التي يتمركز فيها تلك الوحدات في مواجهة منطقة شرناق.
منبج شمال شرق سوريا
وأكد على أن الهدف الرئيسي لتركيا في عملية “مخلب3″، هو القضاء على الإمدادات العسكرية للوحدات الكردية في منبج شمال شرق سوريا.
من جهته قال الخبير العسكري العراقي، علاء النشوع، إن تركيا تحاول تحقيق أهداف عدة من خلال عملياتها الواسعة النطاق في شمال العراق، وسوريا، إلى جانب حماية أمنها القومي، على الشريط الحدودي الذي عبرته لأكثر من 30 كم في العراق، و80 كم في سوريا.
وأضاف في حديثه لـ”عربي21″، أن أنقرة تريد أن تفرض نفسها كلاعب رئيس مع روسيا وأمريكا وإيران في المنطقة.
الأمن القومي التركي
وأشار إلى أن حزب العمال الكردستاني، حاز على مساحات كبيرة في تحركاته العسكرية بعد دخول تنظيم الدولة المنطقة، مما جعله ذلك قوة خطرة تهدد الأمن الإقليمي لتركيا وسوريا والعراق.
وفي سوريا، حصلت قوات “قسد” على دعم أمريكي مباشر، جعلها تكون قوة مسيطرة في منطقة شرق الفرات، أما فِي العراق فكانت “العمال الكردستاني”، قد دخلت سنجار ووصلت إلى مخمور، وبعض قرى الشمال، واستطاعت أن تتوغل داخل بعض المناطق في تركيا.
وحول تركيز العمليات التركية ضد وحدات العمال الكردستاني في العراق، لفت الخبير العسكري، إلى أن خارطة تلك الوحدات العسكرية في العراق أكبر وأكثر حرية من نشاطهم سوريا.
وأشار إلى أن أغلب تحركات المنظمة الكردية على الشريط الحدودي التركي السوري العراقي. موضحا ان منطقتي “سينات- حفتانين”، تعتبر مناطق مناورة لوحدات العمال الكردستاني، ومركز انطلاق في نشاطاتها ضد تركيا.
الكاتب والباحث بالشأن التركي، سعيد الحاج، قال إن السياسة الخارجية التركية خلال السنوات الأخيرة اتجهت أكثر لترتبط بالأمن القومي، والأولوية الأولى لها كانت مواجهة مشروع حزب العمال الكردستاني في الداخل التركي وخارجها.
مواجهة مشروع التنظيم بالعراق وسوريا
وأشار في حديثه لـ”عربي21″، إلى أنه في الداخل انتهت مواجهة مشروع التنظيم خلال عام 2015 حتى عام 2017، فيما سمي بحرب المدن في المناطق ذات الأغلبية الكردية بالشرق والجنوب الشرقي، إلى جانب مكافحة التنظيم في العراق وسوريا.
وأضاف أن تركيا ترى أن جبل قنديل القاعدة التي ينطلق منها حزب العمال الكردستاني تدريبا وتخطيطا، وتنظيما وتنفيذا للعمليات العسكرية، لذلك ركزت عمليات المخلب الأولى والثانية التركية في جبال قنديل.
وأوضح أن تركيا تعتبر أن التنظيم يحاول استثمار أزمات المنطقة وتحديدا تداعيات الأزمة السورية مؤخرا لإنشاء كيان سياسي بإدارة ذاتية على الحدود الجنوبية، بالتلاقي الجغرافي من سوريا للعراق للحدود التركية، لذلك كانت الأولوية لأنقرة تكريس عملياتها ضد التنظيم الذي تصنفه بالكيان الإرهابي.
تركيا لا ترى أن عملياتها الجارية مرحلة متقدمة في مواجهة حزب العمال الكردستاني، بحروب استباقية خارج الحدود في سوريا من خلال أذرعه، وفي شمال العراق.
المرحلة الثالثة
ولفت الحاج، إلى أن المنطقة الآمنة في شرق الفرات بسوريا، تعد المرحلة الثالثة في مواجهة مشروع التنظيم الكردي في سوريا؛ الأولى كانت في درع الفرات وفصلت بين التجمعات الشرقية والغربية له، والمرحلة الثانية كانت في غصن الزيتون وأنهت من وجوده العسكري في عفرين، ومنعت إمكانية وصوله إلى البحر المتوسط.
والمرحلة الثالثة في الحراك التركي، بقاء حزب الاتحاد الديمقراطي، وقوات “قسد” في منطقة شرق الفرات، شمال شرق سوريا، ترى فيه أنقرة أنها فرصة لتقويض نشاطاته وإمكانياته.