تركيا و”طوفان الأقصى”: من التضامن للشعور بالتهديد

تركيا و”طوفان الأقصى”: من التضامن للشعور بالتهديد

تناقش هذه الورقة محددات الموقف التركي من العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، وتتناول كيف تنظر إلى للتطورات الإقليمية الأخيرة، بما في ذلك احتمال تحولها لمواجهة إقليمية شاملة، وما يعنيه ذلك بالنسبة لها كموقف، أولًا، وتداعياته على بعض ملفاتها الأساسية، ثانيًا، وما يمكن أن ينشأ عن ذلك من مهددات لها، ثالثًا.
سياسيًّا، تقف تركيا منذ بداية العدوان على غزة إلى جانب الفلسطينيين وتوجه انتقادات حادة لـ”إسرائيل” وحكومة نتنياهو بما في ذلك الاتهام بممارسة الإرهاب وتنفيذ إبادة بحق الفلسطينيين، إضافة لبعض الإجراءات العقابية والمرتبطة بالعلاقات التجارية معها في المقام الأول.

بيد أن استمرار الحرب لما يقرب من العام، وارتفاع احتمال تطورها لحرب إقليمية تشمل عدة أطراف، جعل تصريحات المسؤولين الأتراك تشير إلى استشعار أنقرة وجود تهديدات ومخاطر موجهة لها بشكل مباشر أو غير مباشر.

تبحث الورقة في محددات الموقف التركي من العدوان الإسرائيلي وتحديدًا من نتنياهو وحكومته، ونظرتها للتطورات الإقليمية مؤخرًا بما في ذلك احتمال تحولها لمواجهة إقليمية شاملة، وما يعنيه ذلك بالنسبة لها كموقف، أولًا، وتداعياته على بعض ملفاتها الأساسية، ثانيًا، وما يمكن أن ينشأ عن ذلك من مهددات لها، ثالثًا.

ما بين الإدانة والوساطة

كان لتركيا موقف من جميع الحروب التي شنَّتها “إسرائيل” على قطاع غزة سابقًا، وكان موقفها يتراوح بين إدانة العدوان ومحاولة لعب دور الوساطة، خصوصًا أن معظم تلك الحروب أتى في ظل فترة فتور وتراجع في العلاقات التركية-“الإسرائيلية” (في أعوام 2008 و2012 و2014). وقد كان الموقف التركي في ذروته في حرب “حجارة السجيل”، عام 2012، حيث دخل وزير الخارجية آنذاك، أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء المصري في حينه، هشام قنديل، إلى قطاع غزة مع موقف سياسي مرتفع السقف؛ ما أسهم في وقف الحرب خلال أيام معدودة. بينما أتت معركة “سيف القدس”، في 2021، في ظل مساعي أنقرة لتطبيع العلاقات وتحسينها مع “إسرائيل”، فكان الموقف تقليديًّا إلى حدٍّ كبير؛ ما عرَّضها لبعض الانتقادات(1).

في الحرب الحالية على قطاع غزة، اتجهت الأنظار نحو تركيا بعدِّها من الدول القليلة التي تملك علاقات جيدة مع حركة حماس، خصوصًا أن الحرب أتت بعد عودة العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء بين تركيا و”إسرائيل”، وبعد لقاء أردوغان مع نتنياهو في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر/أيلول 2023، وحديثهما عن ضرورة تطوير العلاقات الثنائية وخصوصًا في مجال الطاقة(2).

الموقف الرسمي

 طور الموقف الرسمي التركي من الحرب بالتوازي مع التطورات الميدانية في قطاع غزة. في الأيام الأولى بعد عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ركزت التصريحات التركية على “دعوة جميع الأطراف” للتهدئة وعدم التصعيد، مع التأكيد المتكرر على رفض “استهداف المدنيين” والدعوة لإطلاق سراح “الرهائن”(3)، كما أعلنت أنقرة عن استعدادها للعب دور الوساطة أو أي دور إيجابي يمكن أن يسهم في تهدئة الموقف(4).

يُعزى هذا الموقف، الأقل سقفًا من مواقف تركيا في حروب سابقة والذي بدا محاولة للتوازن في الموقف والجنوح للحياد، إلى عدة عوامل في مقدمتها شكل العملية بعدِّها “هجومًا داخل أراضي دولة إسرائيل”، ثم تنفيذها في سياق التقارب التركي–”الإسرائيلي” وهو ما قرأت فيه أنقرة محاولة لسد الطريق عليه ربما بتشجيع إيراني، فضلًا عن نظرتها السلبية لأي تصعيد في المنطقة من شأنه هز الاستقرار فيها وبالتالي التأثير على الاقتصاد التركي المتأزم وفرص الاستثمار في تركيا، ولا يستبعد أن يكون للبروباغندا “الإسرائيلية” في الأيام الأولى (من قبيل استهداف المدنيين، وقطع رؤوس الأطفال، وحرق الجثث، والاعتداءات الجنسية) تأثير نسبي في ذلك.

مع بدء الحرب البرية تحديدًا وما رافقها من مجازر متكررة وإجراءات صُنِّفت جرائم حرب مثل استهداف المدنيين والبنى التحتية وقطع الماء والكهرباء ومنع دخول المساعدات، تصاعدت نبرة التصريحات التركية نحو إدانة العدوان “الإسرائيلي” ووصفه بـ”إرهاب الدولة”، ونفي صفة الإرهاب عن حركة حماس(5)، والإعلان عن وقف التعامل مع نتنياهو بصفته المسؤول الأول عما يفعله جيش الاحتلال في غزة(6).

وقد أسهم في ذلك، إضافة للمجازر “الإسرائيلية”، الضغط الشعبي الداخلي في تركيا المؤيد في أغلبيته الساحقة للفلسطينيين، وموقف أحزاب المعارضة في العموم وخصوصًا الأحزاب المحافظة مثل الرفاه مجددًا والمستقبل والسعادة التي يرى فيها حزب العدالة والتنمية منافسًا له على الشريحة المحافظة، واقتراب موعد الانتخابات المحلية وحضور العدوان على غزة في حملتها الانتخابية، فضلًا عن اتضاح الصورة بخصوص ملابسات عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

في هذه المرحلة كان الموقف التركي أقرب لتبني السردية الفلسطينية، وتحميل المسؤولية كاملة للاحتلال، ووصف ما يقوم به جيش الاحتلال في غزة بـ”الإبادة”(7). كما أرسلت تركيا عدة قوافل إغاثية تمركز معظمها في العريش على الحدود المصرية-الفلسطينية، واستقبلت المستشفيات التركية عشرات المرضى والجرحى الفلسطينيين للعلاج(8). وإضافة لتمثيل تركيا في اللجنة الوزارية المشتركة المنبثقة عن القمة المشتركة بين جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي(9)، فقد قدمت مقترحًا لإنشاء آلية لدول ضامنة في الأراضي الفلسطينية تشارك هي فيه كأحد الأطراف الضامنة للجانب الفلسطيني(10).

الإجراءات العقابية

مع استمرار المجازر “الإسرائيلية”، والقرار الأولي لمحكمة العدل الدولية بخصوص دعوى الإبادة التي قدمتها جنوب إفريقيا، وزيادة ضغوط المعارضة الداخلية، وتراجع حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية لأسباب من ضمنها عدم رضا بعض الناخبين عن موقف الحكومة من غزة(11)، رفعت الأخيرة سقف موقفها من “إسرائيل” في جانبه العملي بشكل متدرج.

وصف أردوغان “إسرائيل” بـ”دولة إرهاب” متجاوزًا نقطة تحميل نتنياهو كامل المسؤولية(12)، ودعا لمحاسبته ومحاسبتها عن الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين(13)، وألغى زيارة كانت مقررة له لـ “إسرائيل”(14). سحبت تركيا سفيرها في تل أبيب للتشاور(15) (كانت الأخيرة سحبت سفراءها في أنقرة وعدة عواصم عربية وإسلامية في وقت سابق)، ومنعت مشاركة “إسرائيل” في اجتماعات ومناورات لحلف شمال الأطلسي (الناتو)(16)، كما قررت الحكومة تقييد تصدير عشرات البضائع إلى “إسرائيل”(17)، ثم أوقفت كامل التعاملات التجارية معها(18) رغم أن بعض التقارير أشارت لاستمرار بعض التصدير عبر دول ثالثة(19).

وأعلن وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، عن نية بلاده الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا وهو ما تم بعد ذلك بأشهر(20)، والتقى أردوغان مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وسلَّمه أدلة ضد جيش الاحتلال(21)، وأعلنت الأجهزة الأمنية عن توقيف عدة شبكات للموساد داخل الأراضي التركية بالتعاون مع جهاز الاستخبارات(22)، ووُضِعَ على جدول أعمال البرلمان مشروع قرار بسحب الجنسية التركية ممن ثبتت مشاركتهم مع جيش الاحتلال في القتال في غزة(23(.

التهديد

مع تصعيد حكومة نتنياهو نبرة تهديدها للبنان بعد أشهر من بدء العدوان على غزة بسبب “جبهة الإسناد” التي بدأها حزب الله، في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول من العام الفائت، تغيرت لهجة التصريحات التركية نحو التحذير من أي تصعيد أو مواجهة إقليمية إضافة لإبداء التضامن مع لبنان في وجه تهديدات “إسرائيل”(24).

تقف تركيا تقليديًّا ضد التصعيد الإقليمي، لأسباب عديدة في مقدمتها أنه يفتح الباب لتدخل قوى خارجية والتأثير في الأحداث بما يضر بدول المنطقة وشعوبها، والأهم بسبب الآثار الاقتصادية السلبية المرتبة عليها بسبب موقع تركيا الوسطي ودورها في التجارة الدولية (عبر المضايق وغيرها) واعتماد الاقتصاد التركي بشكل كبير على الأموال الساخنة والاستثمارات الخارجية التي تحتاج إلى الهدوء والاستقرار.

بجانب ما سبق، يمكن فهم القلق التركي من أي تصعيد “إسرائيلي” في المنطقة لأسباب إضافية تتعلق بمنظومة تحالفات “إسرائيل” دوليًّا وإقليميًّا، أي الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية واليونان وقبرص “اليونانية”. تقع اليونان تحديدًا في بؤرة الاهتمام التركي بسبب العداوة التقليدية المستمرة بينهما ولاسيما بخصوص ثروات شرق المتوسط وجزر بحر إيجة والقضية القبرصية، وما تراه أنقرة انحيازًا أميركيًّا نسبيًّا لأثينا(25)، فضلًا عن الاتفاقات الدفاعية بين واشنطن من جهة وأثينا ونيقوسيا من جهة أخرى(26)، وصفقات السلاح الأميركي لها بالتزامن مع إخراج تركيا من مشروع مقاتلات إف35 والمماطلة في إنفاذ صفقة مقاتلات إف16(27)، والمناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة واليونان برسائل موجهة لتركيا نفسها(28)، وتحوُّل اليونان “لقاعدة عسكرية أميركية كبيرة”، على حدِّ تعبير الرئيس التركي(29).

من جهة ثالثة، فإن أي حرب إقليمية يُحتمل أن تشمل عدة دول وأطراف على علاقات مباشرة مع تركيا، جغرافيًّا أو عسكريًّا أو سياسيًّا، مثل إيران الجارة وسوريا التي توجد فيها قواتها العسكرية والولايات المتحدة الحليفة وغيرها؛ ما يفرض عليها اتخاذ مواقف لها حسابات شديدة التعقيد. كما أن الحرب الإقليمية المفترضة تشكِّل هاجسًا لأنقرة من حيث إن ارتداداتها قد تضر بها من حيث الإخلال بالتوازن لصالح اليونان و/أو فرض أمر واقع بخصوص مشروع الكيان السياسي للميليشيات الكردية المدعومة أميركيًّا في شمال شرق سوريا.

وفق ما تقدم، ومع التهديدات “الإسرائيلية” للبنان ثم بدء الاستهداف المباشر لقيادات حزب الله ثم معقله في الضاحية الجنوبية لبيروت والمواجهات البرية في الجنوب، بدأت تتبدى في التصريحات التركية فكرة التهديدات التي تواجه أنقرة وليس مجرد التضامن مع ضحايا العدوان في فلسطين ولبنان. انتقل الرئيس التركي من سردية الدفاع عن حماس كحركة مقاومة إلى تقديمها كحائط دفاع أول يدافع عن العالم الإسلامي(30)، داعيًا لتوحيد الأخير في مواجهة الاحتلال(31). وفي معرض رده على تهديدات المسؤولين “الإسرائيليين” باغتيال قيادات الحركة الفلسطينية في عدة دول من بينها تركيا، ذكَّر أردوغان بتدخل بلاده عسكريًّا في كل من ليبيا وجنوب القوقاز ملمحًا لإمكانية فعل ذلك ضد “إسرائيل” مؤكدًا على ضرورة “أن تكون تركيا أقوى” لحماية نفسها(32)، فضلًا عن الإعلان المتكرر عن توقيف شبكات تجسس تتبع للموساد على الأراضي التركية.

قبل أيام من الذكرى السنوية لبدء العدوان، دعا الرئيس أردوغان لاستخدام القوة لوضع حدٍّ للعدوان “الإسرائيلي” على كل من غزة ولبنان(33)، مشيرًا إلى أن حكومة نتنياهو ستستهدف الدول الإسلامية. كما حذَّر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي والنائب السابق للرئيس، فؤاد أوقطاي، من أن تصعيد العدوان “الإسرائيلي” ضد لبنان سيمتد إلى سوريا ويمكن أن يهدد تركيا(34).

التصريح الأبرز في هذا الإطار أتى مجددًا من أردوغان الذي قال: إن التصعيد قد لا يتوقف عند سوريا وإنما قد يصل لتركيا، مذكِّرًا بالمسافة القصيرة التي تفصل تركيا عن لبنان(35). وفي ظل تنامي الحديث عن التهديد الذي قد يصل تركيا، وتكرار أردوغان أن بلاده تقف إلى جانب لبنان في مواجهة العدوان “الإسرائيلي”(36)، أعلن رئيس البرلمان، نعمان قورتلموش، عن النية لعقد جلسة مغلقة للبرلمان مع الوزراء المعنيين لمناقشة الأمر وبحث إجراءات الحكومة إزاءها(37).

في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عقد مجلس الأمن القومي التركي اجتماعه الدوري برئاسة أردوغان وتضمن بيانه الختامي خمس نقاط كانت إحداها حول الحرب على غزة ولبنان. فقد دعت النقطة الرابعة من البيان الختامي لمواصلة الجهود الدولية وزيادتها “لوقف إبادة الشعب الفلسطيني وتأسيس وقف إطلاق نار وسلام دائميْن في فلسطين”، كما دعت مجلس الأمن والفاعلين في موقع المسؤولية للتحرك لوقف “الاعتداءات الإسرائيلية التي توجهها إسرائيل خارج الأراضي الفلسطينية بهدف توسيعها نحو الشرق الأوسط”، والتأكيد على أن تركيا، شعبًا ودولة، تقف إلى جانب “لبنان الشقيق، شعبًا وحكومة، في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية غير الإنسانية”، وشجبت إعلان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، شخصًا غير مرغوب به في “إسرائيل”(38).

خاتمة

في الذكرى السنوية لبدء معركة طوفان الأقصى تتزايد المؤشرات على احتمال انتقالها لتصعيد إقليمي كبير بدأ في لبنان وقد يتوسع ليشمل دولًا وأطرافًا أخرى في مقدمتها إيران، خصوصًا بعد الرد الإيراني الأخير على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران وكذلك اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، ومعه نائب قائد عمليات الحرس الثوري، عباس نيلفوروشان، في بيروت.

تكرر أنقرة أن الدعم الأميركي والغربي لنتنياهو يسهم بشكل مباشر في استمراره بالعدوان وبالتالي احتمال توسع الحرب، وتجمع أنقرة ذلك إلى تطورات أخرى لا تقل أهمية وخطورة مثل الحرب الروسية-الأوكرانية التي تشهد تسارعًا ميدانيًّا مؤخرًا لتحذر من أن التصعيد قد لا يقف عند حدود الإقليم(39)، مؤكدة استعدادها لكافة الاحتمالات(40).

هنا، لا تقف تركيا عند حدود التحذير من احتمال التصعيد الإقليمي وتداعياته، ولكن ترى نفسها متضررة بأشكال مباشرة وغير مباشرة من التصعيد القائم حاليًّا والمحتمل مستقبلًا، بالنظر لموقعها وجوارها وعلاقاتها وتحالفاتها وخصوماتها ومواقفها. ومما يعزز هذا الشعور الذاتي بالتهديد توقع انخراط اليونان وقبرص بها بشكل أو بآخر(41) وتداعيات ذلك المحتملة على الأوضاع في سوريا، وكذلك التهديدات المباشرة التي صدرت عن مسؤولين “إسرائيليين” وخصوصًا التهديد بمصير الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، وهو تهديد تقرؤه أنقرة على مستوى الشخص/أردوغان تهديدًا بالتصفية الجسدية وكذلك على مستوى الدولة تلويحًا بالفوضى والتقسيم(42).

وبغضِّ النظر عن مدى واقعية هذه التقييم ومدى قرب التهديد لتركيا ومداه، إلا أن ذلك يفسر جزئيًّا سقوف الموقف التركي الرسمي لفظيًّا وعمليًّا في الحرب الحالية، والتي حاولت التلاقي مع الموقف العربي الرسمي إلى حدٍّ بعيد وعدم التمايز عنه أو انتقاده، إضافة للتعاون معه قدر الإمكان في إطار اللجنة الوزارية المشتركة المنبثقة عن القمة العربية-الإسلامية المشتركة في الرياض وفي مسار المساعي الدبلوماسية وإيصال المساعدات ومواد الإغاثة.

مع ذلك، يستبعد أن يكون لأنقرة موقف مختلف جذريًّا في المدى المنظور، باستثناء خطوات محتملة في الملف السوري لمحاولة تقليل أي آثار سلبية على دورها فيه، مثل العمل على تهدئته سياسيًّا وميدانيًّا والسعي لترتيب العلاقة مع النظام، فضلًا عن احتمال التحرك عسكريًّا ضد قوات سوريا الديمقراطية. ما عدا ذلك، يتوقع أن يبقى الموقف التركي عمليًّا في حدوده الحالية، مع تطوير الخطاب والانخراط أكثر في المسارات السياسية والقانونية وخصوصًا قضية الإبادة أمام محكمة العدل الدولية.

بيد أن ثمة تطورين يمكن أن يفرضا على أنقرة إعادة النظر في سقف موقفها وخطواتها العملية في المستقبل القريب، أولهما: احتمال توسع الحرب نحو مواجهة إقليمية قد تنخرط فيها كل من إيران والولايات المتحدة بدرجة أو بأخرى، وهو تطور سيضطرها لاتخاذ مواقف محددة رغم سعيها التقليدي والمصلحي بالبقاء على الحياد بالقدر الممكن عمليًّا. والثاني: الانتخابات الرئاسية الأميركية التي قد تأتي بدونالد ترامب رئيسًا مجددًا، والذي قد يعني ارتفاع احتمال الحرب على إيران من جهة واتخاذ قرارات أميركية بخصوص منطقة شرق الفرات في سوريا من جهة ثانية؛ ما قد يدفع أنقرة لإعادة تموضع أو الإقدام على تحرك عسكري إضافي في الشمال السوري بهدف تأمين قواتها هناك والحيلولة دون استغلال قوات سوريا الديمقراطية للتطورات القائمة والمحتملة بما يضر الأمن القومي التركي.

نبذة عن الكاتب

مراجع
  1. سعيد الحاج، تركيا ومعركة سيف القدس: الموقف والتداعيات المستقبلية، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 29 يوليو/تموز 2021، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://shorturl.at/8n4iK
  2. أردوغان يلتقي نتنياهو في نيويورك، الجزيرة نت، 20 سبتمبر/أيلول 2023، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://shorturl.at/pLvl9
  3. هل تغيرت لهجة أردوغان من “إدانة إسرائيل” إلى “الحياد”؟، BBC عربي، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2023، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://shorturl.at/1Stx2
  4.  Cumhurbaşkanı Erdoğan: ‘İsrail, attığı adımla kendi geleceğini kararttı’, İletişim Başkanlığı, 4/11/2023, (Giriş: 4/10/2024): https://shorturl.at/kTLNH
  5. ألغى زيارته إلى إسرائيل.. أردوغان: حماس ليست “تنظيمًا إرهابيًّا” بل منظمة تحررية، CNN عربية، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://shorturl.at/DxMmk
  6. أردوغان يهاجم نتنياهو بسبب مجازر غزة: “محوناه وألقيناه جانبًا”، عربي 21، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، https://shorturl.at/6Xh6m
  7. أردوغان يصف إسرائيل بأنها “دولة إرهابية” ويتهمها بارتكاب “إبادة جماعية” في غزة، فرانس 24، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://rb.gy/pobwh9
  8. وزير الصحة التركي يعلن نقل 26 مريضًا بالسرطان من غزة إلى تركيا عبر مصر، وكالة الأنباء القطرية، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://shorturl.at/SXtRf
  9. نص البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية في الرياض، العربي الجديد، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://shorturl.at/W9j9H
  10. وزير الخارجية التركي: نطرح فكرة نظام “ضامنين” لأطراف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، القدس العربي، 17 أكتوبر/تشرين الأول، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://shorturl.at/E5Wsq
  11. “ليست أصواتًا فحسب”.. ماذا كشفت تصريحات أردوغان بعد خسارة حزبه في الانتخابات؟، الحرة، 3 أبريل/نيسان 2024، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)،  https://tinyurl.com/3m59kxt9
  12. أردوغان يصف إسرائيل بأنها “دولة إرهابية” ويتهمها بارتكاب “إبادة جماعية” في غزة، مصدر سابق.
  13. أردوغان لغوتيريش: تجب مساءلة إسرائيل عن جرائمها في غزة، الجزيرة نت، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/326v94wv
  14. أردوغان يعلن إلغاء زيارة مزمعة إلى إسرائيل، وكالة الأناضول للأنباء، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/mukfzjaf
  15. “لن تقطع العلاقات”.. تركيا تعلن استدعاء سفيرها في إسرائيل، الحرة، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/yc6nvuff
  16. رويترز: تركيا تمنع التعاون بين الناتو وإسرائيل منذ أكتوبر، الجزيرة نت، 1 أغسطس/آب 2024، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/447vvs63
  17. تركيا تفرض قيودًا تجارية على إسرائيل وتوقف تصدير 54 منتجًا إليها، الجزيرة نت، 9 أبريل/نيسان 2024، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/53erdkjh
  18. تركيا توقف تعاملاتها التجارية بالكامل مع إسرائيل، الجزيرة نت، 2 مايو/أيار 2024، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/2ub9v6st
  19. “التجارة” التركية: سنسمح للشركات بالتصدير إلى إسرائيل عبر دولة ثالثة، العربية، 9 مايو/أيار 2024، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/3nvww9td
  20. تركيا تنضم رسميًّا لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بمحكمة العدل، الجزيرة نت، 7 أغسطس/آب 2024، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/yckxfc6r
  21. نيويورك.. أردوغان يقدم لمدعي الجنائية الدولية كتابي “الدليل” و”الشاهد”، وكالة الأناضول للأنباء، 23 سبتمبر/أيلول 2024، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/2jv3m25d
  22. على سبيل المثال: بينهم عرب.. تفاصيل سقوط شبكة لجواسيس الموساد في تركيا، روسيا اليوم، 9 يناير/كانون الثاني 2024، (تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/2v76y9j8 و: تركيا تفكك شبكة مالية للموساد جمعت معلومات عن فلسطينيين وسوريين، TRT عربي، 3 سبتمبر/أيلول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/bdedfvrf
  23. البرلمان التركي يناقش سحب الجنسية من المشاركين في حرب غزة بصفوف إسرائيل، ترك برس، 7 يونيو/حزيران 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/y98kftpu
  24. أردوغان: إسرائيل دمرت غزة والآن عينها على لبنان، وكالة الأناضول للأنباء، 26 يونيو/حزيران 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/vk9mde2n
  25. سعيد الحاج، أين تقف الولايات المتحدة في التوتر القائم بين تركيا واليونان، الجزيرة نت، 17 سبتمبر/أيلول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/2wvyrr6h
  26. تركيا تدين اتفاق الدفاع بين واشنطن والإدارة الرومية في قبرص، وكالة الأناضول للأنباء، 12 سبتمبر/أيلول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/2k6s4f3p
  27. الخارجية الأمريكية توافق على صفقة عسكرية أجنبية محتملة مع تركيا، ترك برس، 28 يناير/كانون الثاني 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/44xye32s
  28. تدريبات يونانية أمريكية قرب الحدود التركية، روسيا اليوم، 14 سبتمبر/أيلول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/bbzm99eb
  29. أردوغان: اليونان تحولت إلى قاعدة عسكرية أمريكية، وكالة الأناضول للأنباء، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/3dcwjp3z
  30. “حماس تدافع عن جميع المسلمين”.. أردوغان: إسرائيل تخطط لاحتلال كل الضفة الغربية، عربي بوست، 7 سبتمبر/أيلول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/5xyad8ne
  31. أردوغان يدعو لتحالف إسلامي ضد مطامع “إسرائيل” التوسعية: “حماس تدافع عنا”، عربي 21، 7 سبتمبر/أيلول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/48yf3uce
  32. أردوغان: كما فعلنا في ليبيا وفي قرة باغ سوف ندخل إسرائيل إذا لزم الأمر، روسيا اليوم، 28 يوليو/تموز 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/5bppesye
  33. أردوغان يقترح استخدام القوة ضد إسرائيل وأوروبا ترفض، الجزيرة نت، 30 سبتمبر/أيلول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/4n4kfcfc
  34. فؤاد أوكتاي: سوريا ضمن خريطة التوسع الإسرائيلي وعلى النظام إدراك ذلك، تلفزيون سوريا، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/bdeyph85
  35. أردوغان يدق ناقوس الخطر: ساعتان ونصف فقط تفصلهم عنا، روسيا اليوم، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/mrx3t96f
  36. تركيا تؤكد وقوفها إلى جانب شعب لبنان وحكومته، وكالة الأناضول للأنباء، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/v7ab7wd5
  37. قورتلموش: قد نعقد جلسة خاصة بالبرلمان حول سياسات إسرائيل التوسعية، وكالة الأناضول للأنباء، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/mtnt6yvb
  38. موقع سكرتارية مجلس الأمن القومي التركي، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/59e776zk
  39. تركيا تحذر من حرب عالمية ثالثة، الشرق الأوسط، 25 يونيو/حزيران 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/8yc4f85h
  40. الدفاع التركية: مستعدون لكافة السيناريوهات المظلمة بما فيها حرب عالمية ثالثة، TRT عربي، 27 يونيو/حزيران 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/2azkbav8
  41. اليونان تتضامن مع قبرص وترد على تهديدات “حزب الله” اللبناني، روسيا اليوم، 24 يونيو/حزيران 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/bdhsc8nj
  42. بعد تلويحه بالتدخل عسكريًّا.. إسرائيل تذكر أردوغان بمصير صدام وأنقرة تذكرها بنهاية هتلر، الجزيرة نت، 29 يوليو/تموز 2024، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://tinyurl.com/yck9zc9w
Total
0
Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقال السابق

عن الموقف من حزب الله في الحرب الحالية

المنشورات ذات الصلة