سعيد الحاج

طبيب وكاتب فلسطيني

باحث سياسي مختص في الشأن التركي

وهم القضاء على داعش

0

في خضم معركة الموصل، وخطط “تحرير” الرقة، والاستعدادات التركية للمرحلة التالية من عملية “درع الفرات” بدخول مدينة الباب، بمعنى مواجهة تنظيم الدولة – داعش في معاقله الثلاث الرئيسة في كل من سوريا والعراق، يبدو لي الحديث عن “القضاء على داعش” مبالغة غير مبررة أقرب إلى الوهم والأحلام منها إلى الواقع العملي.

لا أتحدث هنا عن الجانب العسكري المجرد من المعارك بل عن المنظور الأشمل لمواجهة التنظيم بما هو أعمق من المواجهة العسكرية أو مرحلة ما بعد المواجهة العسكرية، لكن حتى هذه دونها العديد من العقبات والتحديات المهمة. صحيح أن قوة التنظيم قد بولغ بها كثيراً لأن وجوده وتمدده خدما مصالح العديد من الأطراف، لكن التقديرات بانتهاء معركة الموصل خلال أيام أو ضمن سقف ثلاثة أسابيع أيضاً مبالغ بها إلى حد كبير، وربما ساهم بها التقدم الميداني السريع في الأيام الأولى، فضلاً عن الدعاية المصاحبة للمعارك.

ذلك أن تعدد الأطراف المشاركة في العملية – والراغبة في المشاركة – يفرض تحديات صعبة على العملية ونتائجها، سيما وأن هذه الأطراف مختلفة الأهداف والأجندات، بل تتقاطع مصالحها وتتضارب أولوياتها. هنا، تبرز تحديات ليست بالهامشية تتعلق بآلية التنسيق بين مختلف الأطراف وترتيب أولويات المعركة وضمان التزام الجميع بالخطة الموضوعة وعدم توغلها أو تجاوزها للحدود المرسومة لدورها ومنع المواجهة بينها، وصولاً لضرورة منع الاحتكاكات على أسس طائفية (في ظل خطاب الحشد الشعبي وماضيه القريب) وتقليل عدد اللاجئين والنازحين قدر الإمكان وتغطية احتياجاتهم. كما لا يمكن الجزم بسرعة العمليات الميدانية وسقف نتائجها، فالتنظيم يدافع عن معقل رئيس له وهو يتقن فنون الكر والفر (لاحظ مبادرته نحو كركوك) كما أنه احترف أساليب التمترس بالمدنيين والعمليات الانتحارية والمفخخات، وهي كلها عقبات ميدانية مهمة.

هذه التحديات الميدانية مهمة، ومهمة جداً، وأعتقد أنها ضمن الحسابات حتى ما قبل توقف التقدم الميداني قبل أيام، لكنها ليست ما أعني بوهم القضاء على تنظيم الدولة – داعش، ذلك أن دحر التنظيم عن الموصل (والمدن الأخرى) شيء والحديث عن “القضاء عليه” أمر آخر مختلف كلياً من حيث الفكرة ومن حيث التنظيم.

 

 

شارك الموضوع :

اترك رداً