سعيد الحاج

طبيب وكاتب فلسطيني

باحث سياسي مختص في الشأن التركي

تعقيباً على مقال الأستاذ عبدالباري عطوان عن تصريحات غول حول ضرورة مراجعة تركيا لسياساتها تجاه سوريا

0

كتب الأستاذ عبد الباري عطوان مقالاً بعنوان: “اردوغان يمهد للعودة الى سورية الأسد عبر البوابتين الايرانية والروسية وهذه هي الاسباب وراء هذا الانقلاب” بناه على خبر ان الرئيس التركي عبدالله غول قال أمام سفراء بلاده أن تركيا تحتاج إلى تغيير جذري في سياساتها إزاء سوريا، نقلته عدة مواقع وتلفزيونات عربية نقلاً عن وكالة الأنباء الفرنسية وصحيفة مليت التركية.

 

بالبحث عن الخبر، وبعد أكثر من نصف ساعة من البحث، وصلت لكلمة ألقاها غول أمام سفراء بلاده وتحدث فيها بشكل عام عن أهمية العمل الدبلماسي وعمل السفراء. ويبدو أن تصريحات غول قد أسيء فهمها أو حملت ما لا تحتمل، بدليل أن هذا الخبر لم تحفل به معظم المواقع الإخبارية والتلفزيونات التركية (ولا حتى المعارضة منها !!).

 

وعرّج غول على أحداث “الربيع العربي” قائلاً أن “رياح الحرية” هذه التي بشرت بقيم مثل السلام والعدالة وحقوق الإنسان، حلت مكانها “للأسف” الانقلابات العسكرية والنزاعات الداخلية والحروب بالوكالة. وأشار غول إلى بداية عهد يعتمد سياسة الهوية الدينية والمذهبية “جنوب تركيا”، ذاكراً محور العراق-سوريا-لبنان، وأن المنطقة أصبحت مسرحاً لصراع أو منافسة دولية ولكن بلاعبين محليين.

 

في هذا الإطار، قال غول (نصاً، والترجمة لي): “مفتاح الحل في المشاكل الداخلية والخارجية هو العقل الجمعي والمقاربة العقلانية والحوار وضمان فهم الآخر. في مقابل هذه الحقائق الموجودة “جنوب” بلادنا، أعتقد أننا ينبغي أن نعيد ضبط دبلماسيتنا وسياساتنا “الأمنية”، آخذين بعين الاعتبار فهم المراكز حولنا للخطر”. وقال أنه يعرف أن تركيا تحاول دائماً تحقيق سياسة الربح للجميع..الخ.

 

يبدو لي، من خلال سياق الكلمة، ان غول لم يقصد ما فهمته بعض المواقع العربية (أو أرادت فهمه)، بل كان ينبه إلى المخاطر الأمنية في المنطقة وخصوصاً الحدود مع سوريا، منبهاً إلى خطورة الصراعات المذهبية والحروب بالوكالة. ربما تطور تركيا لاحقاً موقفاً معيناً حول الأزمة السورية، لكن حتى الان لا تغيير في سياستها، ولا تلميح إلى ذلك.

 

ولا أعتقد أننا سنرى اردوغان أو داود أوغلو في دمشق قريباً، فقد كان سقف خطابهما عالياً جداً لا يسمح لهما بالنزول عنه بسهولة. السياسة التي تنتهجها تركيا حالياً هي دعم الحل السياسي عبر “جنيف 2” بشرط أن تؤدي لوقف إطلاق النار ودخول المساعدات الانسانية وصياغة خارطة طريق سياسية انتقالية لا يوجد فيها للأسد مكان في السلطة.

 

 

في نفس المقالة، أشار الأستاذ عطوان أن قضية الرشاوى والفساد التي طالت عدداً من الوزراء خفضت من شعبية العدالة والتنمية. والحقيقة، حتى لو سلمنا بثبوت التهم الموجهة لأبناء الوزراء في ختام القضية (القضية لم تبدأ بعد، التحقيق انتهى، لم يثبت شيء حتى الان، يتوقع للأمر أن يستمر طويلاً )، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى ثبات شعبية العداة والتنمية وعدم تراجعها.

شارك الموضوع :

اترك رداً